منتديات العيون
أوراق خضراء: مقالات مُختارة 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا أوراق خضراء: مقالات مُختارة 829894
ادارة المنتدي أوراق خضراء: مقالات مُختارة 103798

منتديات العيون
أوراق خضراء: مقالات مُختارة 613623

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا أوراق خضراء: مقالات مُختارة 829894
ادارة المنتدي أوراق خضراء: مقالات مُختارة 103798

منتديات العيون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات العيون

أقلام تنزف بالإبداع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضائك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي
اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )[سورة البقرة].
اللهم اجعلنا ممن تواضع لك فرفعته واقبل تائباً فقبلته وتقرب لك فقربته وذل لهيبتك فأحبته وسألك سؤاله فأعطيته وشكى لك همه ففرجته وسترت ذنبه وغفرته ... امين
يطيب لإدارة منتديات العيون أن تبعث بأعذب التهاني والتبريكات لأعضائها الكرام بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك ,سائلين المولى العلي القدير أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمالويعيده علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير واليمن والبركات.وكل عام أنتم بخير

 

 أوراق خضراء: مقالات مُختارة

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية

ما رأيك في الفكرة ؟
مفيدة
أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty100%أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
 100% [ 5 ]
غير مفيدة .
أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty0%أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
 0% [ 0 ]
مجموع عدد الأصوات : 5
 

كاتب الموضوعرسالة
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:05 pm

أوراق خضراء: مقالات مُختارة
.............................

وأنت تطالع مجلة أو كتاباً تستوقفك بعض المقالات والقصائد والقصص، فتتمنى لو قرأها غيرك من الكتاب والمبدعين، في هذا المكان سنقدم لك بعضاً مما يُصادفنا:


ـــــــــ



(1) أوربا والإسلام

بقلم: أحمد حسن الزيات (1)
...........................

«شيّع الناس بالأمس عاماً قالوا إنه نهاية الحرب، واستقبلوا اليوم عاماً يقولون إنه بداية السلم، وما كانت تلك الحرب التي حسبوها انتهت، ولا هذه السلم التي زعموها ابتدأت، إلا ظلمة أعقبها عمى، وإلا ظلماً سيعقبه دمار!
حاربت الديمقراطية وحليفتها الشيوعية عدوتيهما الدكتاتورية، وزعما للناس أن أولاهما تمثل الحرية والعدالة، وأخراهما تُمثل الإخاء والمُساواة، فالحرب بينهما وبين الدكتاتورية التي تمثل العلو في الأرض، والتعصب للجنس، والتطلع إلى السيادة، إنما هي حرب بين الخير والشر، وصراع بين الحق والباطل. ثم أكدوا هذا الزعم بميثاق خطّوه على مياه «الأطلسي» واتخذوا من الحريات الأربع التي ضمنها هذا الميثاق مادة شغلت الإذاعة والصحافة والتمثيل والتأليف أربع سنين كوامل، حتى وهم ضحايا القوة وفرائس الاستعمار أن الملائكة والروح ينزلون كل ليلة بالهدى والحق على روزفلت وتشرشل وستالين، وأن الله الذي أكمل الدين وأتم النعمة وختم الرسالة قد عاد وأرسل هؤلاء الأنبياء الثلاثة في واشنطن ولندن وموسكو، ليدرأوا عن أرضه فساد الأبالسة الثلاثة في برلين وروما وطوكيو!
وعلى هذا الوهم الأثيمِ بذلت الأممُ الصُّغرى للدول الكبرى قسطها الأوفى من الدموعِ والدماءِ والعرق؛ فأقامت مصرُ من حريتها وسلامتها في «العلمين» سدا دون القناة، وحجزت تركيا بحيادها الودي سيل النازية عن الهند، وفتحت إيران طرقها البحرية والبرية ليمر منها العتادُ إلى روسيا، ولولا هذه النعم الإسلامية الثلاث لدقّت أجراسُ النصر في كنائس أخرى!
ثم تمّت المعجزة، وصُرع الجبارون، ووقف الأنبياء الثلاثة على رؤوس الشياطين الثلاثة يهصرون الأستار عن العالم الموعود، وتطلّعت شعوب الأرض إلى مشارق الوحي في هذه الوجوه القدسية، فإذا اللحى تتساقط، والقرون تنتأ، والمسابح تنفرط، والمسوح تُنتهك؛ وإذا التسابيح والتراتيل عُواء وزئير، والوعودُ والمواثيقُ خداعٌ وتغريرٌ، وإذا الديمقراطية والشيوعيةُ والنازيةُ والفاشيةُ كلها ألفاظٌ تترادفُ على معنى واحد: هو استعمارُ الشرقِ واستعبادُ أهله!.
إذن برِحَ الخفاء وانفضح الرياء، وعادت أوربا إلى الاختلاف والاتفاق على حساب العرب والإسلام!
هذه إيرانُ المسلمة، ضمِن استقلالَها الأقطابُ الثلاثة، حتى إذا جَدَّ الجد تركوها تضطرب في حلق الدب، ثم خلصوا نجيا إلى فريسة أخرى!
وهذه تركية المسلمة، واعدوها وعاهدوها يوم كانت النازية الغازية تحوم حول ضفاف الدردنيل، وهم اليوم يخلونها وجهاً لوجه أمام هذا الدب نفسه يطرق عليها الباب طرقاً عنيفا مخيفاً ليُعيد على سمعها قصة الذئب والحمل!
وهذه أندونيسيا المسلمة، آمنت بالإنجيل الأطلسي، وقررت أن تعيش في ديارها سيدة حرة؛ ولكن أصحاب الإنجيل أنفسهم هم الذين يقولون لها اليوم بلسان النار: هولندا أوربية، وأندونيسيا أسيوية، ونظرية الأجناس هي القانون النافذ على جميع الناس.
وهذه سورية ولبنان العربيتان، أقرّ باستقلالهما ديجول، وضمن هذا الإقرار تشرشل، ثم خرجت فرنسا من الهزيمة إلى الغنيمة، واختلف الطامعان فخاس المضمون بعهده، وبرّ الضامن بعهده. ثم قيل إنهما اتفقا! واتفاقهما لن يكون على أي حال قائماً على ميثاق الحريات الأربع!
وهذه فلسطين العربية يفرضون عليها أن تؤوي في رقعتها الضيقة، الشريدَ والفوضويَّ واللصَّ، وفي أملاكهم سَعة، وفي أقواتِهم فضل! ولكنهم يضحون بوطن العرب لعجل السامريِّ الذهب، ويتخلصون من الجراثيم بتصديرها إلى أورشليم!
وهذه أفريقية العربية، يسمعون أن ديجول (أخا جان دارك) قد حالف على أهلها الخوف والجوع، ثم انفرد هو بمطاردة الأحرار حتى ضاقت بهم السجون والمقابر، ولا يقولون له: حسبك! لأن السفاكين أوربيون يؤمنون بعيسى، والضحايا أفريقيون يؤمنون بعيسى ومحمد!
بل هذه هي الأرض كلها أمامك، تستطيع أن تنفضها قطعة قطعة، فهل تجد العيون تتشوّف، والأفواه تتحلّب، والأطماع تتصارع إلا على ديار الإسلام وأقطار العروبة؟ فبأي ذنب وقع خُمس البشرية في هذه العبودية المُهلكة، وهو الخمس الذي انبثق منه النور، وعُرِف به الله، وكُرِّم فيه الإنسان؟ ليس للثلاثمائة مليون من العرب والمسلمين من ذنب يستوجبون به هذا الاستعمار المتسلط إلا الضعف، وما الضعف إلا جريرة الاستعمار نفسه. فلو كان المستعمر الأوربي صادق الحجة حين قال: إننا نتولّى شؤون الشرق لنقوى الضعيف ونعلِّم الجاهل وندفع المتخلف، لوجد من العرب سنداً قويا لحضارته، ومن الإسلام نوراً هادياً لعقله؛ ولكنه ورث الخوف من الإسلام عن القرون الوسطى، فهو يُسايره من بعد، ويُعامله على حذر. وإذا عذرنا قسوس العصور المظلمة فيما افتروا عن جهالة، فما عذر الذين كشفوا الطاقة الذرية إذا جمدوا على الضلال القديم، وكتاب الله مقروء، ودستور الإسلام قائم!!
لقد فشلت مذاهبهم الاجتماعية كلها، فلم تستطع أن تُخلِّص جوهر الإنسان من نزعات الجاهلية الأولى؛ فلم يبق إلا أن يجربوا المذهب الإسلامي ولو على سبيل الاقتباس أو القياس.
لا نريد أن نقول لهم: أسلموا لتحكموا، وتعلَّموا لتعلموا، فإن هذه الدعوة بعتاقها عن الغاية القريبة عوائق من العصبية والوراثة والتقاليد والعادة؛ ولكنا نقول لهم: تصوروا نظاماً واحداً يصلح لكل زمان ومكان، ويقطع أسباب النزاع بين الإنسان والإنسان: يوحِّد الله، ولا يُشرك به أحداً من خلقه؛ ويقدِّس جميع الشرائع التي أنزلها الله ولا يُفرِّق بين أحد من رسله، ويُؤاخي بين الناس كافة في الروح والعقيدة لا في الجنس والوطن: ويُسوِّي بين الأخوة أجمعين في الحقوق والواجبات، فلا يميز طبقة على طبقة ولا جنساً على جنس ولا لوناً على لون، ويجعل للفقير حقا معلوماً في مال الغني يؤويه إليه طوعاً أو كرهاً ليستقيم ميزان العدالة في المجتمع، ويجعل الحكم شورى بين ذوي الرأي فلا يحكم بأمره طاغ، ولا يُصر على غيه مستبد، ويحرر العقل والنفس والروح فلا يقيد النظر، ولا يحصر الفكر، ولا يقبل التقليد، ولا يرضى العبودية، ويأمر معتقديه بالإقساط والبر لمن خالفوهم في الدين وعارضوهم في الرأي، ويوحد الدين والدنيا ليجعل للضمير السلطان القاهر في المعاملة، وللإيمان الأثر الفعّال في السلوك.
وجملة القول فيه أنه النظام الذي يحقق الوحدة الإنسانية، فلا يعترف بالعصبية ولا بالجنسية ولا بالوطنية، وإنما يجعل الأخوة في الإيمان، والتفاضل بالإحسان، والتعاون على البر والتقوى. فإذا تصوّرتم هذا النظام، فقد تصورتم الإسلام. وإذا أخذتم به فقد اطمأن العالم المضطرب، واستقر السلام المزعزع. ولا يعنينا بعد ذلك أن تُطلقوا عليه لفظاً يونانياً أو لاتينيا ما دمتم تسلمون وجوهكم إلى الله، ولا تُسلمون قيادكم لمحمد!
ـــــــــــــ
(1) *المصدر: أحمد حسن الزيات: أوربا والإسلام، مجلة «الرسالة»، (العدد 653) في 7/1/1946م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:15 pm

2) سهام ماضية

بقلم: الدكتور محمد مندور*

هناك ثلاث رذائل كبيرة تنخر في أخلاق الكثيرين من المصريين على نحوٍ لم أر له شبيهاً في بلدٍ من بلاد العالم، على كثرة ما رأيتُ من بلاد وقابلت من بشر، ولا بد من أن نكشف عنها لعلها تُخفي عن أنظارنا شبحها المرذول، فقد سئمتُ لقياها في كل سبيل، وبمنحنى كل نفس.
*أمّا أولاها، فهي محاولة كل إنسان أن يوهمك أنه أكبر وأفضل وأعلم مما هو، ولقد كان من عادتي الصبر، فكنت أتلقّى هذه الدّعاوى بصدر رحب، ولكنني لم أكن ألبث أن أحس بنوع من اختلاس الثقة يُحاوله من يتخطّى حدود نفسه، وليس أمرّ على النفس ولا أهيج للحفيظة من خيبة الأمل، وإنه من اليسير على من أوتي شيئاً من الفراسة وسداد الرأي أن يحكم على الناس ويُنزلهم منازلهم الحقة، وإنه لمن الخير لنا جميعاً أن نُحاول دائماً احتلال المكان الذي نستحقه في النفوس دون تطاول أو انحطاط، أما الإقحام فما نظنُّه يُعقِّب أثراً باقياً، حتى ولا في نفوس البُله!
ولستُ في الحق بواثق من أن أمثال هؤلاء الناس الذين نشكو منهم مرَّ الشكوى يعون ما يفعلون أم هم في غفلة الغرور، ولكنني لاحظتُ في الغالب الأعم أنهم مشربون بحقارتهم، وأنهم يبذلون مجهوداً إراديا لتغطية تلك الحقارة بالإيهام، وذلك لما نُلاحظه من هياج في الحركات، وضغط على مخارج الحروف، وتصنع للانفعال واراتفاع في الصوت، وهلهلة في ملامح الوجه وتطلع في السكون والحركة.
*وثاتيتها غيرة مسرفة وحقد عجيب، ولكم ساءلتُ نفسي لماذا يشغلُ الناسُ بغيرهم إلى هذا الحدِّ المُدمِّر، وتلك مشاعر خليقة بأن تُنزِل بالنفس الخراب.
والذي عهدته في النفوس القوية هو نزوعها المستمر إلى التسامي بذواتها، فهي تسعى لأن تكون في يومها خيراً من أمسها، وأن تعمل في غدها ما يُميِّزُ عملها في حاضرها، فإذا عزَّ التسامي كان الاستجمام في ثقة وتوثُّب.
وأما أن يُفني المرءُ بياضَ يومه وسوادَ لياليه في التفكير فيما وصل إليه هذا الشخصُ أو ذلك، أو الخوف من أن يسبقك زيد وبكر فهذا شعورٌ صغير لا تعرفه إلا نفس صغيرة، وهو دليلٌ على عدم الثقة بالنفس، كما هو دليل على انهيار الشخصية، وإن كان هناك شعور قبيح من مشاعر البشر فأجدر به أن يكون ذلك الشعور!
*وثالثها: فساد عميق في تربية الناس الاجتماعية، فقد تُلاقي صنوفاً من الأفراد، بعضهم صغير، وبعضهم كبير. ولقد تتلطّف مع الصغير بدافع إنساني بريء، ظانا أنك بعملك هذا تُدخل السرور على نفس بشرية، فإذا بك وقد سقطت هيبتك من قلبه، وإذا به يتطاول على المساس بك في غير ذوق ولا حياء، ولقد تُفسِح في صدرك، ثم يأتي يوم يتحرّك دمك فإذا بك تردُّ في عنف، وإذا بالمسكين يصحو بعد غفلة، وإذا به يشكو دون أن يفهم شيئاً أو يُدرك له محنةً. فإذا جاء يومٌ، وصفعْتَهُ صفعَ الأقوياء لأنكَ رجلٌ عزيزُ النفسِ حامي الدماء أُسقِط في يده، وأخذه إمّا عنادُ الحمقى وإمّا انهيارُ الأذلاّء! ولستُ أدري لذلك من سببٍ غيرُ فسادِ التربيةِ الاجتماعيةِ، فسادها في المنزلِ وفي المدرسةِ وفي الوظيفةِ، وفي الشارعِ، وفي الدكانِ، وفي المصرفِ، وفي كلِّ مكان، حتى لكأنَّكَ تسيرُ في بلدٍ كله أرقاء!
أيُّ عذابٍ نفسيٍّ في أن تراك مضطراً إلى تقديرِ كل لفظ تقول، وكل حركةٍ أو ابتسامةٍ أو تقطيبِ جبينِ أناس لا فهمَ لهم ولا تقدير، ولا يعرفون حدا يبدؤون منه ولا حدًّا ينتهون إليه؟!
ترى هل باستطاعتك أن تخلق لنفسك عقليةً جديدةً وذوقاً جديداً وتربية جديدةً تُماشي بها الناس، لا أن تأخذك العزة فتثبت كما أنت مُحولاً أن تنقل العقول وتُحوِّل الأذواق، وتسدد التربية لتستطيع أن تتفاهم مع الناس، أو أن تقبلهم، أو تطبق عليهم خيراً.
هذه أسئلة لا يستطيع الإجابة عليها غير الله، فإليه نفوِّضُ الأمر.
ــــــــــــــــــــــ
*المصدر: د. محمد مندور: كتابات لم تنشر، ص ص122-124
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:24 pm

[center][b](3) ثقافة

بقلم: د. طه حسين (1)
............................

كلمة نردِّدها كل يوم فيما نقول ونكتب، وقليل منا يُحققها في ذهنه، ويستطيع أن يعرب إعراباً دقيقاً عن معناها، شأنها في ذلك شأن ألفاظ كثيرة تنطلق بها الألسنة وتجري بها الأقلام، وليس لها في نفوس الذين ينطقون بها معنى واضح، أو صورة لا أقول دقيقة، بل مُقاربة. وأي لفظ أكثر تردداً في الأفواه وجرياناً على الأقلام من لفظ الأدب والفن؟. فسلْ إن شئت بعض الذين ينطقون بهاتين الكلمتين عمّا يريد بأيتهما أو بكلتيهما فستسمع ما يسوؤك غالباً، وما يُرضيك أحيانا؛ ذلك لأن هذه الكلمات ـ الثقافة والأدب والفن ـ قد ابتُذلت في الاستعمال العام، وكثُر ترديدها في الخطب والكتب وفي مقالات الصحف وأنبائها؛ ففقدت أو كادت تفقد معانيها، وأصبح كل من يحسن كتابة هذا الكلام الذي تنشره الصحف أديباً، وكل من أسمعك صوتاً فيه شيء من توقيع، أو أراك صورة أو شيئا يُشبه الصورة، أو لعب أمامك على المسرح، أو أراك صورة تلعب في دار من دور السينما ـ أصبح كل من فعل شيئاً من هذا ـ صاحبَ فن أو صاحب أدب، وهو بالطبع مثقف لأن الأدب والفن بطبعهما ثقافة!
وكذلك يُصبح الكاتبون في الصحف ـ مهما تكن الموضوعات التي يكتبونها، ومهما تكن اللغة التي يكتبون بها، ومهما تكن المعاني التي يؤدونها إليك ـ أدباء، ويصبح كلامهم أدباً، والذين يضحكونك بتهريجهم في ملعب من ملاعب التمثيل أو دار من دور السينما فنانين لا يتردّدون في أن يصفوا أنفسهم بذلك، وفي أن يملؤوا به أفواههم، وفي أن يُرتبوا لأنفسهم من أجل ذلك حقوقاً عليك وعليَّ وعلى الناس جميعاً وعلى الدولة. ومع ذلك فقد رأينا مصر في بعض عصورها القريبة تُفرِّق بين الصحفي والأديب، وبين المُهرِّج والممثل، وبين المطرب والمغني أو الموسيقيِّ، وما نزال نراها تُفرِّق بين من برع في الأدب أو في الفن، ومن برع في صناعة من الصناعات اليدوية ولم يُحسن قراءةً ولا كتابةً ولا علماً نظريا بأصول ما يصنع بيديه: ترى أحدهما قد أوتي حظا من ثقافة، وترى الآخر صانعاً ماهراً قد حُرِم الثقافة، ولم يؤت منها حظا قليلاً أوْ كثيراً. وليس بُدٌّ مع ذلك من كلمة الحق أن تُقال، ولأمور الثقافة وشؤون الأدب والفن من أن تؤخذ مأخذ الجد إن أردنا لهذا الوطن أن يرقى وأن يُسهِم في الحضارة الإنسانية إسهاماً صحيحاً.
وكلمة الثقافة في أصلها اللغوي القديم كانت يسيرة تستعمل فيما ليس بينه وبين معناه الذي نفهمه منها الآن صلة قريبة أو بعيدة، تُستعمل في المهارة التي تكون في بعض الصناعات، وفي تقويم المعوجِّ من الأدوات المادية بنوع خاص.
فكان يقال: ثقَّف الرمح، ويُراد: قوَّمه ونفى عنه الاعوجاج وجعله أداة صالحة من أدوات الحرب؛ ثم اتسع معناها شيئاً، فأصبح المهارة في صناعة بعينها من الصناعات، ولا سيما حين تكون هذه الصناعة دقيقة تحتاج إلى الذكاء والفطنة: فالتفريق بين الدينار البهرجي المزيف والدينار النقي الصحيح ثقافة، والصيرفي الذي يحسن ذلك رجل مثقف أو ثقف. ثم تجاوزت هذا المعنى، وانتقلت إلى معنى يتصل بحياة العقل والذوق.
فكان يُقال للرجل الذي يُحسن العلم بالشعر فيفرِّق بين جيده ورديئه، وبين الصحيح الثبت منه والمنحول المزيف ـ مثقف أو ثقف، وكانت صناعته ثقافة. وعسى أن يكون محمد بن سلاَّم الجُمحي الذي توفي في أوائل القرن الثالث الهجرة أول من استعمل هذه الكلمة بهذا المعنى في كتابه "طبقات الشعراء". ثم اتسع معنى هذه الكلمة فأصبح المهارة في كل علم من علوم العقل أو كل فن من فنون الذوق، ثم أهملت الكلمة ونسيت أو كادت تنسى حتى كان هذا العصر الحديث فاستعملت أثناء النهضة المصرية الأخيرة بين الحربين العالميتين ليؤدَّى بها معنى الكلمة الفرنسية (culture). وقد جرى على الكلمة الفرنسية نفسها شيء يُشبه ما جرى على الكلمة العربية؛ فكان استعمالها الأول في شيء مادي هو الزراعة، ثم جعل المعنى يتطوّر حتى أصبح يدل على معناه الحديث الذي نستعمل فيه نحن كلمة الثقافة الآن، وهو الذي نريد أن نقف عنده وقفة فيها شيء من تعمق وتفصيل.
فالرجل المثقف الآن بهذا المعنى ليس هو من أتقن علماً بعينه أو فنا بعينه، وإنما هو أوسع من ذلك وأشمل، هو الرجل الذي ذاق ألوان المعرفة على اختلافها حتى ذكا قلبع وصفا ذوقه وهذب طبعه، ونفذت بصيرته، وأصبح عقله قادراً على أن يفهم عنك حين تتحدّث إليه في أي لون من ألوان المعرفة، وأصبح عقله قادراً أيضاً على أن ينفي عن نفسه الشعور بالغربة حين يسمع حديث العلماء في علومهم، أو حديث أصحاب الفن في فنونهم، أو حديث الساسة والاقتصاديين في سياستهم واقتصادهم. والرجل المثقف هو الذي ذاق المعرفة وأحبها وتأثَّر بها، وتهيّأ لها فأصبح إنساناً بأوسع معاني هذه الكلمة، إنساناً لا يحس الغربة في أي وطن من أوطان الناس أو بيئة من بيئاتهم، ولا يجد القلق حين يسمع الناس يتحدثون في أي ضرب من ضروب الحديث؛ يفهم عنهم أحياناً فيخوض معهم فيما يخوضون فيه، ولا يفهم عنهم أحياناً أخرى فلا يوئسه ذلك منهم ولا من نفسه، وإنما يحاول أن يعرفهم وأن يفهم عنهم وأن يحقق الصلة بينه وبينهم، بعقله وقلبه وذوقه، عارفاً مرة ومنكراً مرة أخرى، راضياً حيناً وكارهاً حيناً آخر.
الرجل المثقف هو الذي لا ينبو عنه وطن ولا مكان ولا بيئة من أوطان الناس وأماكنهم وبيئاتهم، ومن أوطان الطبيعة وأماكنها وبيئتها وأوطانها المختلفة، هو الرجل الذي يحس من نفسه القدرة على أن يعيش في كل وطن، وفي كل ظرف من الظروف عيشة الفاهم لما يرى القادر على محاولة فهم ما لم يفهم.
والرجل المثقف آخر الأمر هو الذي أخذ من العلوم والفنون بأطراف تتيح له أن يحكم على الأشياء حكماً صحيحاً أو مقارباً. والتعليم هو سبيل هذه الثقافة، التعليم بمعناه الواسع الذي يفهمه الناس في هذه الأيام ويتيحونه للصبية أولاً، وللشباب ثانيا فيما ينشؤون لهم من المدارس ومعاهد العلم والتعليم الذي يكسبه الناس لأنفسهم بعد أن يأخذوا بحظهم من هذه المعرفة التي تُقَدَّم لهم في المدارس والمعاهد.

]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:24 pm

وأخص صفات الثقافة أنها ناقصة دائماً محتاجة إلى أن تزيد في كل لحظة، وأن صاحبها قلق دائماً، طامح إلى التزيد من المعرفة دائماً، لا يقنع بما يُتاح له من العلم مهما يكثر ومهما يعمق ومهما يتسع، لأنه مستيقن هذا الأصل من أصول الثقافة الصحيحة، والذي جاء في القرآن الكريم، وهو أن فوق كل ذي علم عليم.
وصاحب الثقافة محقق، لحاجته هذه إلى التزيُّد من المعرفة، ومحقق، لأن في الناس من هو أكثر منه معرفة؛ وهو من أجل ذلك متواضع دائماً لا يرضى عن نفسه، وإنما يطمح أبداً إلى أن يكون في غده خيراً منه في يومه.
ويظهر الفرق جليا بين الرجل المثقف والرجل العالم بالمعنى الدقيق الذي يفهمه الناس لهذه الكلمة في هذا العصر: فالرجل الذي أتقن علماً من العلوم وتخصص فيه ووقف حياته عليه مثقف دائماً، ولولا ذلك ما فهم علمه ولا أتقنه ولا حاول التفرغ له، ولكن من الناس من يكون رجلاً مثقفاً بأوسع معاني هذه الكلمة وأدقها، وهو مع ذلك لم يتخصص في علم من العلـوم، ولم يقف وقته وجهده على لون من ألوان المعرفة.
والرجل المثقف حقا يعرف أنه ليس قادراً على أن يبتكر المعجزات فيحسن العلم بما لم يصل الناس إلى العلم به بعد؛ ومن هنا اختلفت حظوظ الناس من الثقافة باختلاف العصور والبيئات: فقد كان "هيرودوت" مثلاً رجلاً مثقفاً في عصره، ولذلك استطاع أن يعرف كثيراً من شؤون الأمم التي ألمّ بأوْطانها، ولم يجد نفسه غريباً في أمة منها، وكان في الوقت نفسه مؤرخاً، لأنه روى لنا ما كان يمكن أن يُعرَف في عصره من تاريخ اليونان وتاريخ الأمم التي اتصلت بهم اتصالاً قريباً أو بعيداً. ومع ذلك فاخْتَرْ أيَّ مؤرِّخ معاصر فستراه أعظم ثقافة وأشد تخصصا من "هيرودوت"، ذلك لأن علم الناس يزيد دائماً ولا ينقص أبداً. وإذا قضى الجهل والضعف على أمة من الأمم بعد أن كانت قوية مثقفة عالمة فإن علمها وثقافتها لا يذهبان مع الريح، وإنما ينتقلان منها إلى أمة أو أمم أخرى.
ومن هنا ورث العرب ثقافة اليونان، وورث الأوروبيون ثقافة العرب، ثم عرفوا حقائق الثقافة اليونانية أكثر مما عرفها العرب، فانتفعوا بها وأضافوا إليها، كما انتفع العرب بثقافة غيرهم من الأمم، وأضافوا إليها من عند أنفسهم.
وأكبر الظن أن أمماً أخرى ليست عظيمة الحظ من الثقافة والعلم ستأخذ عن الأوروبيين ثقافتهم وعلمهم، أو هي قد جعلت تأخذ عنهم ثقافتهم وعلمهم، فإن أتقنت ذلك، وعرفت كيف تسيغ ما تأخذ، وكيف تلائم بينه وبين ما ورثت عن أجيالها القديمة، وكيف تجعل من هذا وذاك مزاجاً ملائماً لطبعها، فليس من شك في أنها ستكون مثقفة عالمة بأدق معاني الثقافة والعلم. ومعنى ذلك أنها لن تكتفي بالأخذ والنقل، ولكنها ستتمثّل ما أخذت وما نقلتْ، وستُشارك فيه مشاركة أصيلة، وستضيف إليه من عندها مثل ما أضاف الأوروبيون إلى ما أخذوا عن غيرهم أو أكثر منه.
ومعنى ذلك أن الثقافة والعلم ليسا مقصوريْن على أمة من الأمم أوْ جيل بعينه من أجيال الناس، وإنما هي أشبه شيء بالنسم الذي يتنسّمه الناس جميعاً، والذي يحمل من ألوان الغذاء ما يُصادف القادرين على ذوقه وتمثُّله والملاءمة بينه وبين طبائعهم وأمزجتهم، فكل إنسان بطبعه قادر على أن يتلقّى الثقافة والعلم ويزيد فيهما بشرط أن يبتغي إلى ذلك وسائله، ويسلك إليه سبله، وينتفع بتجارب الأمم التي سبقته أو عاصرته والتي أخذت من الثقافة والعلم بأعظم الحظوظ.
وقد شُغِل الأوروبيون بحقائق ثقافتهم وعلمهم منذ انفضّت الحرب العالمية الأولى وجعلوا يُحاولون أن يُحللوا العقل الأوروبي ويردُّوه إلى الأصول التي كوّنته وأتاحت له ما يستمتع به الآن من الرقي والتفوّق، وعرّضتْه لما يتعرّض له الآن من الخطر. وكان الشاعر الفرنسي العظيم "بول فاليري" بارعاً حقا حين ردّ العقل الأوروبي الحديث إلى أصول ثلاثة، هي: تراث اليونان في الفلسفة والأدب والعلم والفن، وتراث الرومان في النظام والتشريع وفي السياسة والحرب، والمسيحية بما أودعت فيه من قيم الأخلاق ومُثلها العليا ومن الطموح إلى الإحسان والعدل والإنصاف، وإلى العلم آخر الأمر بأن الناس جميعاً سواء في الحقوق والواجبات، وأن مساواتهم هذه إنما تأتيهم من حيث أنهم ناس يشتركون في طبيعة الإنسان الذي أنشأ الحضارة وعرف كيف يُسيطر على الطبيعة، أو على ما سيطر عليه منها، وكيف يستثمر الأرض ويوجه استثمارها إلى ما ينفع الناس عامة لا ما ينفع فرداً دون فرد أو شعباً دون شعب أو جيلاً من الناس دون جيل.
وواضح أن الانحراف عن أصل من هذه الأصول له نتائجه في ضعف الأمم وانحلالها وتأخّرها عما ينبغي لها من المكانة الممتازة بين الأمم الرّاقية.
فالانحراف عن إيثار المعرفة لنفسها والانتفاع بنتائجها ينتهي إلى الجهل وما يعقبه الجهل من ضعف وانحطاط، والانحراف عن النظام وحسن التشريع والسياسة والاستعداد لطوارئ الحرب منتهٍ إلى الاضطراب والفوضى، والانحراف عن أصول الأخلاق ومثلها العليا منته إلى الظلم والاستعلاء واستغلال الإنسان للإنسان، وهو الذي تتورّط فيه أوروبا الآن، فيجرُّ عليها ما يجرُّ من ألوان الفساد والكوارث والخطوب.
وقد نستطيع أن ننظر إلى ثقافتنا العربية بنفس هذه النظرة على ما أصابها من ضعف وأدركها من تفرُّق وانتشار، فسنرى أن العقل العربي يمكن أيضاً أن يُردَّ إلى مثل ما رُدَّ إليه العقل الأوربي من الأصول مع اختلاف قليل، فنحن قد ورثنا عن اليونان ثقافتهم وفلسفتهم وعلمهم وأدبهم وفنهم أيضاً، وفد تأثَّرنا بكل ذلك في حياتنا العقلية وتكوين ما توارثنا من المعرفة، ونحن قد تأثّرنا بالنُّظم التي ورثناها عن الأمم التي سبقتنا إلى الحضارة:
تأثرنا بنظم البيزنطيين أيام بني أمية، ونظم البيزنطيين ترتدُّ في جملتها إلى النظم الرومانية.
وتأثرنا بنظم الفُرس أيام العبّاسيين، ولكن هذه النظم لم تخل قط من تأثر قليل أو كثير بالنظم الرومانية.
ونحن حين أنشأنا فقهنا وألوان التشريع في بلادنا قد تأثّرنا كثيراً بالفقه الروماني في العصور القديمة وبالفقه الأوربي في العصور الحديثة.
وضَعِ الإسلام مكان المسيحية؛ فهو الذي صاغ عقولنا وسيَّرنا على قواعد الأخلاق ومثلها العليا، وهو الذي حبَّب إلينا العدل وكرَّه إلينا الجور، وهو الذي حبَّب إلينا الإحسان وكرَّه إلينا القسوة والاستئثار.
ومهما تبحث عن أسباب الضعف الذي أصاب الأمة العربية وثقافتها في بعض العصور فسترى أنها تنحصر في الانحراف عن أصل من هذه الأصول التي ذكرناها.
وإذن فالطريق أمامنا واضحة وأعلامها بيّنة، يراها المنصفون ولا ينحرفون عنها إلاّ إذا تعمَّدوا هذا الانحراف أو غرَّهم الشيطان عن أنفسهم.
لا بُدَّ من أن نأخذ بأسباب العلم والثقافة ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، لا نتردّد ولا نتلكّأ ولا نستكثر في سبيل ذلك تضحية مهما تكن.
ولا بُدَّ من أن نُؤثر النظام ونتجنَّب الفوضى، ومن أن نتلقّن التشريع ونقيمه على الإحسان والبذل.
ولا بُدَّ من أن نتخذ الأخلاق لحياتنا قانوناً، ونجعل المثل العليا أمامنا دائماً في كل ما نأتي وما ندع، إن كنا نريد مخلصين ما نطمح إليه من الرقي ومن تحقيق المساواة بيننا وبين الأمم الأخرى، وتحقيق المساواة الدّاخلية بين أفراد الأمة من حيث هي أمة.
وما أُحب أن أبعد عن الثقافة التي هي موضوع الحديث والتي أبعدني عنها هذا الاستطراد شيئاً؛ فليس يكفي أن نحب الثقافة لنكون مثقفين، وإنما يجب أن نحبها ونبتغي إليها وسائلها، ونسلك إليها سبلها، وننظم التعليم على أنه وسيلة إلى أن يصبح الشاب المتعلم مهيأ ليكون رجلاً مثقفاً بالقدر الذي أشرتُ إليه آنفاً؛ فالظفر بالشهادات والإجازات والدرجات لا يغني عنه شيئاً ولا يجعله رجلاً مثقفاً إذا لم يستطع أن ينفي عن نفسه الشعور بالغربة حين يتصل بالناس مهما تكن أجيالهم وأجناسهم.
ومعنى ذلك أنه يستطيع أن يتحدّث إلى الأوربي، فيفهم عنه ويُفهمه عن نفسه، وأن يكون ذلك شأنه حين يتحدّث إلى الهندي والصيني أو الأمريكي أو الروسي: ومعنى هذا كله أن التعليم يجب أن يُوجَّه إلى تكوين الملكات الإنسانية التي تُتيح للفرد أن يكون مستعدا دائماً لأن يتعلّم وأن يزيد حظه من المعرفة، وأن يشعر شعوراً قويا في كل لحظة من لحظات حياته بأنه في حاجة ملحة إلى ذلك مهما يكن مركزه الاجتماعي، ومهما يكن قد حصّل في نفسه من العلم؛ ففوق كل ذي علم عليم، كما يقول الله عزَّ وجلَّ.
وأخصُّ مزايا العقل الحر هو أنه شاعر بنقصه دائماً، طامح إلى الكمال دائماً، مستيقن بأنه لا يبلغه مهما يبذل من جهد، ومهما يُحصِّل من علم، ومهما يبل من التجارب والخطوب.
فأين نحن الآن من هذا؟ مازال الأمد بيننا وبينه بعيداً أشدَّ البعد، فما أكثر ما يلقى العربي ـ مصريا كان أو غير مصري ـ الأوربي والأمريكي والهندي والصيني، فلا يكاد يفهم عنه ولا يكاد صاحبه يفهم عنه شيئاً، مع هذا الفرق بينه وبين الأوربي والأمريكي، وهو أن الأوربي والأمريكي لا ييأس من فهمه، وإنما يحاول ويلتمس ألوان الحيل ليعرف ماذا يُريد المصري أن يُلقي عليه من حديث! أما المصري فيُسرع اليأس إليه، فلا يُحاول ولا يلتمس حيلة، وربَّما عزَّى نفسه بالسخرية من هذا الأوربي أو الأمريكي الذي لا يسير سيرته، ولا يتكلّم لغته، ولا يحسن الإعراب عمّا يُريد!
ومصدر ذلك أن المصري لا يتعلّم في مدارسه ومعاهده، وإنما يحفظ ليؤدِّي الامتحان، ثم ينسى ما حفظ، وينسى ما امتحن فيه، ويمقت الحفظ والامتحان أشدَّ المقت، ويمضي إلى حياته المادية اليومية يسلك إليها ما يستطيع من السبل لا يطمح إلى شيء، ولا يطمع في شيء، وإنما يكفيه أن يعيش يوماً بيوم، ولا عليه أن يخرج من حياته كما دخل فيها لم يُغن عن نفسه ولا عن الناس شيئاً، كأنه لم ير الدنيا، وكأن الدنيا لم تره في يوم من الأيام.
وهذا النوع من التعليم لا يمكن أن يلائم وطناً طموحاً ولا شعباً عريقاً في المجد خليقاً بأن يكون مستقبله ملائماً لماضيه على رغم ما اختلف على هذا الماضي من المحن والخطوب.
وما أريد بهذا كله أن أزعم أن مصر لم تصنع في سبيل الثقافة شيئاً، وإنما أُريد أن أقول إن ما صنعته مصر في سبيل الثقافة والعلم على كثرته وخطره بالقياس إلى ما كانت عليه أيّام سلطان الترك العثمانيين، بل في أواسط القرن الماضي، ليس إلا شيئاً قليلاً، بل شيئاً أقل من القليل بالقياس إلى آمالها وآمال الإنسانية فيها؛ فليست مصر وطناً كغيرها من الأوطان، وإنما هي وطن في مركز جغرافي بين الشرق والغرب لم تستغن عنه الإنسانية في يوم من الأيام ولن تستغني عنه في يوم من الأيام، بل ستزداد حاجتها إليها ازدياداً مطرداً بمقدار ما يُصيب حياتها من التعقيد، كلما تقدّمت في سبيل الرقي الثقافي والعلمي والسياسي والاقتصادي أيضاً.
وقد زعم شاعرنا القديم أن حاجة من عاش لا تنقضي، وهذا صحيح، ولكنه أقل مما يؤدي الواقع والحق من أمر الإنسانية، لأن حاجتها لا تنقضي، بل تزداد ويشتد ازديادها، وتتعقّد ويعظم تعقيدها.
وكلما ازدادت حاجات الإنسانية وتعقدت ازدادت حاجات الشعوب إلى أن تتضامن وتتعاون، ويشد بعضها أزر بعض، وازداد الاتصال بين الشرق والغرب، وتعقّدت ألوانه وضروبه. وبمقدار هذا كله تزداد حاجة الإنسانية إلى مصر، لأنها طريق الاتصال بين الشرق والغرب، ولأنها المدخل الطبيعي لهذه القارة الإفريقية التي لن تظل كما هي هامدة راكدة، بل ستأخذ في النموّ واليقظة والأخذ بأسباب الحضارة؛ فتشتد حاجتها إلى مصر أولاً، وإلى الشرق والغرب بعد ذلك.
وكل هذا يفرض لمصر حقوقاً على الإنسانية، ويفرض عليها واجبات لهذه الإنسانية. ولست الآن بإزاء الحديث عن حقوق مصر، وإنما أنا بإزاء الحديث عن واجباتها، وقد حرصتُ دائماً وأحببتُ لغيري دائماً أن يحرص على أن يذكر الواجبات، وينهض بها قبل أن يذكر الحقوق ويُطالب بتحصيلها.
ومعنى هذا كله أن الحياة المستقبلة تفرض على مصر أن يزداد حظ أبنائها من العلم والثقافة، لا أقول من يوم إلى يوم، بل أقول من ساعة إلى ساعة. ولا بد من أن يكون التعليم فيها جديراً أن يُهيِّئ أبناءها لتلقِّي هذه الثقافة والتزيُّد منها في كل لحظة من لحظات الحياة.
والتعليم أساس للثقافة، ولكنه ليس كل شيء، بل هناك أشياء كثيرة لا تستقيم الثقافة إلا بها، ولا سبيل إليها إلا إذاهيِّئ الشباب لتحقيقها والانتفاع بها.
وقد قلت إن الرجل المثقف هو الذي لا يشعر بالغربة في أيِّ وطن أو مكان أو بيئة؛ وإذن فليس بُدٌّ للتعليم من أن يهيِّئ الشباب ليكونوا قادرين على أن يعرفوا شؤون الأوطان والأمكنة والهيئات والظروف الإنسانية على اختلافها.
والرجل المثقف لا تستقيم له ثقافة إلا إذا عرف وطنه وأمته والظروف التي تُحيط به؛ فليس بد من أن يهيئه للتعليم لذلك ومن أن يلقنه أوليّات هذه المعرفة بالأمة والبيئة والظروف.
ولا تستقيم الثقافة إلا إذا عرف الأوطان الأجنبية وما يُحيط بها من الظروف الدّاخلية والخارجية، وإذن فيجب أن يهيئه التعليم لهذه المعرفة أيضاً. ولأمر ما حرصت الأمم المتحضرة على أن تُعلِّم أبناءها في المدارس ألواناً من العلم تهيئه لهذا كله: فهي تعلمهم تاريخهم الخاص والتاريخ العام، وهي تعلمهم الجغرافية الخاصة والجغرافية العامة، وهي تُظهرهم في المدرسة الثانوية على أوّليّات الآداب الكبرى: قديمها وحديثها بلغتهم الوطنية، ليستطيعوا بعد ذلك أن يتعمّقوها ويفقهوا دقائقها لمجرّد المعرفة، وحين يشعرون بالحاجة إلى ذلك.
فإذا قلنا إن من أصول الثقافة إحياء التراث القديم للأمة فمعنى ذلك بالقياس إلى المصري أن يكون أمامه تُراث مصر الفرعونية، وتُراث مصر اليونانية الرومانية، وتراث مصر الإسلامية، وأن يكون مهيأ لفهم هذا التراث كلما أراد أن يُلِمَّ به، أو يعود إليه.
وليس ذلك بممكن إلا إذا عرف الأمم التي اتصلت بمصر أو اتصلت بها مصر في ظروف السلم والحرب أثناء هذه العصور، وليس هذا بالشيء القليل؛ فهو سيكفل للمصري أن يكون مهيأ لفهم التاريخ القديم كله، ولفهم تاريخ القرون الوسطى، ولفهم الآداب التي امتازت في هذا التاريخ أو ذاك.
وأمته متصلة بالأمم الحديثة خصاماً ووئاماً وتبادلاً للمنافع، فليس له بُدٌّ من أن يكون مهيأً ليعرف من أمر هذه الأمم أكثر ممّا يمكن أن يعرفه، وسبيل ذلك العلم باللغات الأجنبية وقراءة ما يُكتب فيها، وترجمة ما يحتاج منه إلى الترجمة، ليقرأه الذين لم يتعلّموا لغة أجنبية أصلاً أو تعلّموا لغةً أو لغتين دون أن يتعلّموا كل اللغات الأجنبية، فليس هذا بالشيء الذي يُتاح لكلِّ إنسان، بل قلَّما يتاح لإنسان.
وكل هذا يفرض على القائمين بأمور التعليم الذين يهيئون الشباب للثقاقة والعلم أن يمنحوا تعليم اللغات الأجنبية في المدارس أقصى ما يستطيعون أن يمنحوه من العناية.
والرجل المثقف حقا في هذا العصر لا يستطيع أن يعيش عيشة راضية إذا لم يعرف لغة أجنبية، فإن أراد التخصص في العلم فقلّما تكفيه لغتان أو ثلاث من لغات الأمم الكبرى التي تُعنَى بالأدب وتُنتِج في الأدب والفن والفلسفة.
ومادام الفرد الواحد لا يستطيع أن يتعلم اللغات الكثيرة في المدرسة الثانوية، فلابد من أن تُدرس اللغات الكبرى كلها في المدارس، وأن يُفرض على التلميذ أن يختار منها لغتين على الأقل.
والرجل المثقف حقا لا يستطيع أن يجعل عقله حكراً لثقافة بعينها، وإنما يجب أن تتفتح نفسه للثقافات مهما تكن ومن أين تأتي، وهنا تقوم الترجمة مقام العلم باللغات الكثيرة.
وإذا أُتيح هذا للشباب في أمة من الأمم فمن الخطأ أن نعتقد أن الثقافة الحقة قد أُتيحت لهؤلاء الشباب، ذلك أن الثقافة ليست علماً فحسب، وليست فهماً وحفظاً فحسب، وإنما هي إلى جانب ذلك شعور وذوق وملاءمة بين المعرفة وبين الطبع.
ومن هنا كانت آفة التعليم أنه يتعرّض لأن يكون ملئاً للرؤوس بالمعرفة الكثيرة، دون أن يبلغ القلوب والأذواق ويُؤثر فيها، ويجعلها أهلاً للحرية الصحيحة والشعور الصحيح بأن الإنسان إنسان حيث يكون: إنسان في وطنه يشعر بالتضامن والتعاون بينه وبين الإنسان مهما يكن جنسه، ومهما يكن وطنه، ومهما تكن بيئته وظروفه.
والإنسان المثقف هو الذي يستيقن بقلبه وعقله أن الأرض كلها وطن عام له إلى جانب وطنه الخاص، ويُهيئ نفسه أو تُهيئه الدولة ليحيا هذه الحياة كريماً في وطنه وكريماً خارج وطنه، كريماً على نفسه وعلى الناس أيضاً.
وإذا كان لكل هذا الحديث نتيجة نستطيع أن نستخلصها منه، وغاية نستطيع أن ننتهي بها إليها، فالنتيجة والغاية شيء واحد، وهو أن مصر على كثرة ما بذلت من جهد وما أنفقت من مال وما احتملت من أعباء في سبيل الثقافة لا تزال في أول الطريق، وما زالت الشقة أمامها بعيدة لا حدَّ لبعدها؛ فالثقافة كما قلت لا نهاية لها، والشعب المثقف هو الذي يُحقِّق في نفسه أنه مهما يُحصِّل من المعرفة فسيظل دائماً محتاجاً إلى التزيُّد منها، وسيرى أنّ ما عرفه مهما يكثر أقل مما يجب أن يعرفه.
وإذا فهم القائمون على شؤون العلم والثقافة هذه الحقائق، وفهمها الذين يقودون الرأي ويُدبِّرون أمور الشباب أمكن مصر أن تؤمن عن ثقة ويقين وفي أمل أيّ أمل بأنها سائرة إلى الرقيِّ حقا، وبالغة منه ما تُريد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من كتاب: د. حسين علي محمد (بالاشتراك): فن المقالة: دراسة نظرية ونماذج تطبيقية، سلسلة "أصوات مُعاصرة"، العدد 114، دار هبة النيل العربية، القاهرة، 2003م، ص99 فما بعدها.[/b][/center
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:25 pm

(4) حول النقد

بقلم: عباس محمود العقاد*
.................................

من المعروف عن الناس جميعاً أنهم يميلون إلى الثناء، والتقريظ، وينفرون من الذم والانتقاد.
وحب الثناء في جملته خصلة حسنة محمودة العاقبة، لأنه يدعو إلى طلب الكمال، وما لم يكن نزوة من نزوات "الأنانية" العمياء فهو سبيل إلى العمل الذي يستحق الثناء.
ولكن كراهة النقد ليست بصفة محمودة في جميع الأحوال، لأنها تنطوي على أخطاء كثيرة تدل على ضيق العقل، كما تدل على ضيق الخلق وضيق المجال.
أول هذه الأخطاء اعتقاد المرء أن الناقد أفضل دائماً من المنقود، فهو إذا سمع النقد ظن أن الذي يوجهه إليه يستعلي عليه ويدعي أنه مبرأ من العيب الذي يسنده إليه، ولولا ذلك لهان وقع النقد في نفسه لأنه يشعر أنه ومن ينقده سواء.
وقد يكون المنقود أفضل من الناقد فيما يتعلّق بذلك العيب وفيما يتعلق بسواه. والحقيقة المُشاهدة أن الناقد لا يكون أفضل من المنقود في عيوبه، ولا أقدر منه على عمله المنتقد ولا على سائر أعماله. كل منا يستطيع أن ينظر إلى بيت من البيوت فيرى أنه سخيف البناء غير صالح للسكن، ولكننا لا ندعي لهذا أننا أقدر على البناء والهندسة من بانيه ومهندسه، وقد يُعيي الكثيرين منا أن يقيموا حجراً على حجر في جدار صغير. وكل منا يذوق الطعام فيستعذبه أو يعافه، وليس كل آكل بقادر على إعداد صفحة من الطعام خير من التي يعافها، ولو كان عليماً بكل عيب من عيوبها في صناعتها وفي مذاقها. وكل منا يستطيع أن يقرأ كتاباً فيشعر بنقصه في جانب من جوانبه لأنه كان ينتظر المزيد من البيان في ذلك الجانب، ولكن لا يُفهم من ذلك أن القارئ المنتقد أعرف بصناعة التأليف من صاحب الكتاب.
وقصة المصور الصيني معروفة، تصلح للذكر في هذا المقام: كانت له صورة يعرضها ويتوارى خلف ستار المصنع ليستمع إلى أقوال الناظرين إليها. وكان منهم إسكاف عاب شكل الحذاء لأنه لا يُطابق القالب المخصص لصنعه فأخذ المصور بملاحظته وأصلح عيبه كما اقترح الإسكاف. وعاد هذا في اليوم التالي فأطمعه التفات المصور إلى رأيه وأكثر من الملاحظة على أجزاء الصورة من الرأس إلى القدم، فبرز له المصور من وراء الستار وأملى عليه درسه في هذه المرة: إنك أحسنت فيما عرفت، فلا تسئ فيما تجهل، وقف بقدميك على حذائك ولا تزد عليه.
ومهما يكن من إحسان هذا الناقد في ملاحظته فهو إحسان كلام لا إحسان عمل، لأنه لو سئل أن يُصلح الخطأ في حذاء الصورة لما استطاع أن يزيل عيب الصناعة فيها. ولا يزال المصور أقدر منه على إصلاح عيوب الصورة حتى في شكل الحذاء.
فالناقد يُبدي ما يشاء من العيوب، ولا يجعله ذلك أفضل ولا أقدر على إصلاح العيوب من صاحب العمل. إذا كره الاستماع إليه أنفة من التسليم له بالتفوق عليه. حتى لو اعتقد صاحب العمل أن التفوق عليه ممتنع أو مستحيل، ولا امتناع ولا استحالة فيه.
ويحسن بالناقدين والمنقودين جميعاً أن يذكروا أن القدرة على إظهار العيوب أسهل جدا من القدرة على إظهار الحسنات. فإن الطفل الصغير قد ينظر إلى أعظم العظماء، فيضحك منه ويلمح عيوبه الظاهرة من لمحة خاطفة، وقد يستطيع أن يحكيه في عيوبه سخرية وعبثاً فيجيد محاكاته كل الإجادة، ولكنه يقضي عشرات السنين قبل أن يعرف حسناته أو فضيلة من فضائله. كما استطاع في طفولته أن يُحاكي ذلك العظيم في مشيته أو لهجة كلامه أو جملة حركاته.
وما برحت معرفة العيوب قريبة إلى أصحاب العيوب، ومعرفة الحسنات عسيرة على غير أصحاب الحسنات.
ومن أخطاء الكارهين للنقد أن كراهيتهم لم تنم على ضعف الثقة بالنفس كما تنم على ضعف الثقة بالناس، وضعف الثقة بالقيم الأدبية، وكل قيمة من قيم التقدير والكرامة.
فالرجل الذي يعرف عمله لا يضيره أن يجهله غيره، والرجل الذي يملك ثروته ويأمن عليها لا يضيره أن يحسبه هذا أو ذاك في عداد الفقراء، ومن كان واثقاً من قوته فهي بين يديه يجدها حاضرة عنده كلما احتاج إليها. وإنما يضطرب الضعيف الذي تُشاع عنه القوة كذباً إذا شاع عنه الضعف بدلاً من القوة لأن ما تخلفه الإشاعة تقضي عليه إشاعة مثلها. وما يثبت على الحق لا تمحوه الأباطيل.
فليس أدل على ضعف الثقة بالنفس من خوف النقد واتقاء المزاعم، كذلك يدل على ضعف الثقة بالنفس أن يحسبهم الكارهون للنقد ألعوبة يلعب بها كل ناقد، وأرجوحة تميل بها الأهواء مع كل جاحد وحاقد. وما كان في وسع أحد قط أن يلعب بآراء الناس كافة وإن وسعه أن يلعب بآراء القليلين منهم إلى حين، وقديماً قيل ما قيل عن نوابغ الدنيا وعباقرة الأزمان فذهب القيل والقال، وبقيت مآثر النبوغ والعبقرية ساطعة سطوع الشمس، راسخة رسوخ الجبال.
وأشد من ضعف الثقة بالنفس ضعف الثقة بالناس، بل هذا هو سبب ضعف الثقة بكل شيء وبكل إنسان. فإن الذي يشك في وجود القيم الصحيحة في العالم يخشى الخطر على كل قيمة، ويحسب المجد كالهوان، وأن الجواهر كالحجارة، وأن العملة المشروعة كالزيوف الممنوعة. ليس بين شرعها ومنعها إلا صيحة تعلو هنا أو ضجة تخفت هناك.
ولسائل أن يسأل: لماذا يحرص الإنسان على سمعة لا قيمة لها؟ .. وما قيمة السمعة التي لا تحفظ نفسها بنفسها؟ وما معنى الخوف على قيمة محفوظة يراها العارفون فلا يخلطون بينها وبين الأعراض والقشور؟
إن كان للعمل الأدبي أو العمل الاجتماعي قيمة مقدورة يعرفها الناس، فلا خوف عليها من النقد والناقدين، ولا حذر عليها من كيد الكائدين وحقد الحاقدين. وإن لم تكن للأعمال المأثورة قيمة دائمة فلماذا نحرص عليها ونُشفق من زوالها، ونطلب لها الدوام وليس لها حظ من الدوام.
إن خوف النقد عادة غير محمودة العاقبة في جملتها، عادة لا يؤمن صاحبها بحقه على نفسه، ولا يؤمن بحق مرعي لغيره، ولا يطمئن إلى قيمة تحميه من عوارض القلق وبوادر الشكوك. فالكاره للنقد لا يخطئ في خوفه من النقد الصواب، لأن النقد الصواب ينفعه وينفع الناس، ولا يُصغره في نظر نفسه، ولا يُفهم منه حتماً أنه أقل أو أضعف قدرة من ناقديه.
وهو يخطئ في خوفه من النقد الخطأ لأنه يحجر على آراء غيره، ولا يرى لهم حق المخالفة، ولو خالفوه مخطئين. ولعله يخطئ سبيل العزاء في الحالتين. فحسبه من عزاء لو شاء أن يتعزّى أن ينظر إلى ناقديه: هل سلموا من النقد؟ وهل وافقهم الناس على كل ما قالوه؟ وهل يرى بين الناس أحداً يرضى عنه جميع الناس كائناً ما كان شأنه وبالغاً ما بلغ من العلم والرفعة ومحاسن الأخلاق؟
قال الحكيم الأندلسي ابن حزم الملقب بإمام النقاد: "من قدر أنه يسلم من طعن الناس وعيبهم فهو مجنون. ومن حقق النظر وراض نفسه على السكون إلى الحقائق وإن آلمتها في أول صدمة كان اغتباطه بذم الناس إياه أشد وأكثر من اغتباطه بمدحهم إياه".
ثم مضى يفسر ذلك برأيه فقال: إن مدحهم إياه إن كان بحق وبلغه مدحهم له أسرى ذلك فيه العجب فأفسد فضائله. وإن كان بباطل فبلغه فسُرَّ به فقد صار مسروراً بالكذب، وهذا نقص شديد.
وأما ذم الناس إياه فإن كان بحق فبلغه فربما كان ذلك سبباً إلى تجنبه ما يُعاب عليه وهذا حظ عظيم، وإن كان بباطل فصبر اكتسب فضلاً زائداً بالحلم والصبر.
وأحسن الحكيم فيما قال وفيما علل. ولو شاء لزاد عليه: إن الاغتباط بالذم كثيراً ما يكون من قبيل الثناء المعكوس، وإنه لثناء معكوس لا رياء فيه إذا صدر عن حسد ورغبة في إنكار الفضل الذي يشعر به الحساد فيُحاولون إخفاءه بالذم والإنكار.
وربما كان إنكار اللئيم أبلغ في الشهادة لصاحب الفضل من ثناء الكريم. ولقد كان ابن حزم مُبتَلى في زمانه بحسد الحساد، فأثاروا عليه الخاصة والعامة، وأحرقوا كتبه وحرموا قراءته، فقال:
لئن تحرقوا القرطاسَ لا تحرقوا الذي
ملأتُ به القرطاس بلْ هو في صدري
ثم بقي ابن حزم في كتبه المأثورة وزال حاسدوه، فلا يذكرهم الناس إلا إذا ذكروه ليصغروهم ويكبروه!
ومنذ خمسين سنة كانت كلمة ابن حزم هذه شعار "الجريدة" التي تولى تحريرها أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد، وكان يجعلها شعاراً وجواباً على نقد الناقدين وخلاف المخالفين، وهم كثيرون، فانتهى النقد والخلاف إلى تقدير واعتراف، ولم يبق من جيل الحكيم المصري ـ خليفة ابن حزم في نظرته إلى الثناء والذم ـ إلا من يدين له بالأستاذية والسبق إلى سواء السبيل في فهم الوطن والوطنية.
وقد نُسِيت أعمال لم ينقدها أحد، وبقيت أعمال لم تسلم من النقد في زمانها ولا بعد زمانها، وعمل العاملون وكتب الكاتبون فلم يستحقوا البقاء بما سمعوه من ثناء، ولم ينقطع غيرهم عن عمل أو كتابة خوفاً من نقد مضى أو نقد يجيء.
وأشفق بعضهم من التأليف لأنه يجر إلى القدح والتعنيف، لا بل جاء في الأمثال أن من أراد بعدو سوءاً فليزين له تأليف كتاب أو تحبير مقال.
فإن صح هذا المثل فهو صحيح على شريعة السيد المسيح "أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم" فمن تمنى لعدوه أن يؤلف فتلك أمنية صديق لصديق، أو أمنية عدو لعدو محبوب.
نعم، وكالتأليف في أمر النقد كلُّ عملٍ باق .. تبنيه الهمم والعقول، وتقول فيه الألسنة ما تقول.
ــــــــــــــــــــــ
*المصدر: عباس محمود العقاد: عيد القلم ومقالات أخرى، تحرير: الحساني حسن عبد الله، المكتبة العصرية، صيدا ـ بيروت، د.ت، ص296-300.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:27 pm

(5) أدب المهجر الشرقي

بقلم: د. محمد بن عبد الرحمن الربيع (1)
.................................................. ..

إذا قيل الأدب المهجري انصرف الذهن إلى أدب المهاجر الأمريكية .
إلى الأدب العربي الذي قاله المهاجرون العرب من المشرق بعامة ومن سوريا ولبنان بصفة خاصة إلى الأمريكتين ، فالذين هاجروا إلى أمريكا الشمالية أطلق على أدبهم " أدب المهجر الشمالي " والذين هاجروا إلى أمريكا الجنوبية أطلق على أدبهم " أدب المهجر الجنوبي " ويمتاز هذا الأدب بخصائص تميزه عن غيره من حيث الأسلوب والعاطفة والأفكار .
وأغلب الأدباء الذين هاجروا إلى الأمريكيتين هم من العرب النصارى ، ولذلك نجد التأثير المسيحي واضحاً في هذا الأدب مهما قيل عن طوابعه الإنسانية وانتماءاته العربية .
وكنت دائماً أتساءل ؟!
هل اتجه كل المهاجرين العرب إلى الأمريكيتين ؟!
ألم تتجه طائفة أخرى إلى مهاجر أخرى .
لماذا يقصر اصطلاح " الأدب المهجري " على تلك الفئة وذلك المكان ؟
وظل السؤال في ذهني .
حتى قدر لي أن أذهب في مهمة رسمية إلى أندونيسيا تلك الجمهورية الإسلامية الشرقية الكبرى التي تضم أضخم تجمع للمسلمين الذين يتعرضون لحملات التنصير .
وهناك التقيت بطوائف من العلماء والمثقفين .
واسترعى انتباهي وجود مجموعة من العرب في تلك المناطق .
ولهؤلاء قصة يطول شرحها ، وتاريخ مجيد يحتاج إلى من يزيل عنه غبار السنين .
أجداد هؤلاء هم الذين نشروا الإسلام في أندونيسيا .
وفتحوها بأخلاقهم وعلمهم وحسن تعاملهم .
حتى انتشر الإسلام هناك بالقدوة وحسن المعاملة .
وأغلب هؤلاء قد هاجروا من جنوب الجزيرة العربية ومن إقليم " حضر موت " بصفة خاصة .
وقد شاهدت ثلاثة أجيال من هؤلاء الجد الرجل الكبير يجيد العربية قراءة وكتابة ، بل وشعراً ...
ووجدت الأب وقد اضطرب لسانه وضعفت عربيته لكنه يحاول ولا يكاد يبين .
ووجدت الابن وقد فقد العربية فلا يكاد يعرف منها شيئاً .
تلك مأساة هؤلاء العرب .
وليس عن هذا أريد الحديث .
لكني أردت أن أصل منه إلى عنوان الموضوع وهو " أدب المهجر الشرقي " .
فقد عرفت أن كثيراً من هؤلاء المهاجرين والنازحين إلى " أندونيسيا وغيرها من بلاد الشرق " قد خلفوا تراثاً أدبياً عربياً إسلامياً يتمثل في مجموعة من المؤلفات العربية ، ومن الصحف والدوريات العربية ومن الشعر العربي المنشور في المجلات أو المجموع في دواوين مخطوطة في الأغلب أو منشورة في الأقل وقرأت نزراً يسيراً من هذا الشعر وهذا التراث الأدبي فوجدته يمتاز بعاطفة الحنين إلى الجزيرة العربية وبالعاطفة الدينية المتوقدة ، فقلت عندها ك لقد عثرت على جواب السؤال وهو : هل هناك أدب مهجري عدا ما نعرفه من أجدب المهجر الشمالي أو الجنوبي ؟!! .
فقلت : نعم وألف نعم .
هناك أدب " المهجر الشرقي " ، أي : الأدب العربي المهاجر إلى الشرق والشرق الأقصى .
أدب هؤلاء العرب الذين نزحوا إلى أندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورا والهند ، ... فأطلقت عليه " أدب المهجر الشرقي " وتمنيت أن يقوم أحد طلابنا في أقسام الدراسات العليا بإعداد أطروحة علمية عن هذا الأدب المجهول .
وما أحلى ارتياد المجهول .
وما أكثر فوائــــد السفر .
وأخيراً فإن الأدب العربي قد شرق وغرب فعرفنا عن الأدب المهاجر إلى الغرب البعيد الشيء الكثير ، وقصرنا عن معرفة الأدباء العرب الذين شرقوا واستوطنوا المشرق والشرق الأقصى وظلوا يحنون إلى مواطن العرب وإلى الجزيرة العربية فما أحرى أبناء هذه الجزيرة بأن يقوموا بالواجب ويقدموا لنا دراسات علمية وأدبية جادة عن " أدب المهجر الشرقي " وإنا لمنتظرون.
..........................
(1) د. محمد بن عبد الرحمن الربيع: خمائل وأزهار: بحوث ومقالات أدبية متنوعة، ط1، مكتبة المعارف، الرياض 1416هـ، ص184-186.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:28 pm

(6)
وداع القرن

بقلم: إبراهيم اليازجي
...........................

من تأمَّل كرور الأدهار، وتعاقب الليل والنهار، ورأى الثواني تجر الأيام، والأيام تجر الأعوام، والناس يذهبون بين ذلك أفواجا، ويمرُّون فرادى وأزواجاً، ورأى أن هذه الحركة التي نرى بها الشمس تطلع من المشرق، ثم نراها تغيب في المغرب، يتخلّلها من حركات دقائق الكون ما يُمثِّل دبيب عوامل الفناء، حتى يًرد كل منظور إلى عالم الهباء؛ وقف حائراً دهِشا، يتأمّل في الكائنات وفي نفسه، وقد اختلط عليه الوجود بالعدم، حتى كاد يتهم شواهد حسه. ثم نظر فتمثّل وراءه ماضياً تغيب أوائله في ظلمات الأزل، وأمامه آتياً تتصل أواخره بحواشي الأبد، وهو بينهما كنفّاخة قذفها التيّار فوق أديم البحر، فما كاد يقع عليها ضوء الشمس، حتى عادت إليه فغاصت فيه آخر الدهر، فملكه من الرهب ما ارتعشت له أعضاؤه، ومن الإشفاق ما جمدت له دماؤه؛ ثم تمنّى لو تخلّص من هذا الوجود المشوه، وأيقن أن الكون ضرب من الزور المموّه، إنما هي صور تتبدّل، وأشكال تتحوّل، وهي المادة إلى أن تنحلّ الأرض، وينتثر نظام السيارات والأقمار، وتتبدّد ذرّات الشمس في الفضاء، فيمّحي رسمها من صحيفة الأدهار.
ودّعنا القرن التاسع عشر، كما يودِّع المرءُ يومه عند انقضائه، وقد تذكّر ما لقي بين صباحه ومسائه، وما تقلّب عليْه بين حاليْ كَدَرِهِ وصفائه. ثمّ استشفّ ـ من خلال يومه المقبل ـ وميضَ صباح الغد، باسماً عن ثغور الآمال، مبشِّراً بما فاته في يومه من الغبطة ونعمة البال، فبات يَعِد نفسه المواعيد، ويرى كلَّ بعيد من الأوطار أقربَ إليه من حبلِ الوريد. وقد ذُهِل أكثرُنا عن أنه يُودِّع شطراً من دهره، وقد يكون من بعضنا أطيب شطريْعمره، فإذا التفت إلى خلفه، رأى خيال نشأته وشبابه، وتمثَّلت له أوقات لذته ومجالس أترابه، والصفحة التي ارتسم عليها تأريخ ميلاده، ودُوِّن فيها تذكار أبهج أعياده، فحنَّ إلى أيامه السوابق حنين المحب المفارق، وقد حيل بينه وبينها، وطُويت عليها صفحة الفناء، وخُتِم عليها بطابع الأبد، فهي هناك إلى يوم اللقاء.
نحن اليوم بين فصلين من مُصحف تأريخ الدهور، وقد قرأنا الأول حرفاً حرفاً، واستقريْنا ما فيه من السطور، والثاني مطويٌّ عنّا، نشتغل بهجاء الحرف الأول من عنوانه، ولا ندري ما خطّ فيه قلم الغيب، من غرائب حدثانه، فندع التكهُّن عليه لخرّاصي السياسة، وأصحاب الجفر والكواكب، ونعود إلى تصفُّح ما مر بنا من صحف القرن الذّاهب، وما سُطِّر فيها من البدائع والغرائب؛ فلا جرْم أنه كان من أعظم القرون آثاراً، وأجلَّها شأناً وأسرفها تذكاراً. بل القرن الذي لم يمر بالأرض مثله، من يوم تحرَّكت على محورها فنشأ الليل والنهار، ومنذ دارت حول الشمس فتتابعت السنون والأعصار، فهو على الحقيقة بكرُ الزمن، وإن كان آخر ما مرَّ بنا من أعقابه، ومُجدِّد شباب الدهر بعد الهرم. لا بل هو عين شبابه، ففيه أخذت الدنيا كمال زخارفها، وبرزت الحضارة في أبهى مطارفها، وانتشر العلم في الأرض انتشار نور النهار، فانبسطت أشعته على كلِّ قصيٍّ من الأقطار، وتجلّى به كل مكنون من الحقائق والآثارـ وأصبح الإنسانُ خِدْنَ الطبيعة، وقد حسرت له من نِقابها، وألقت إليهِ مقاليدَ جوِّها وتُرابِها، بل استسْلمت إليه بجملتها حتى كان من أربابها، فبرز في حدٍّ جديد غير ما عرّفه به حكماء الدهر السابق. وأدرك بسطةً من العرفان، يضيقُ بها نطاق تعريفه بالحيوان الناطق، فهو اليوم الحيوان المكتشف المخترع، المتفنن المبتدع، الطيّار على مناكب الهواء، الماشي على صفحات الماء، الذي زوى أطراف الأرض فهي بين يديْه قيْد ميلٍ أو شبْر، وطوى مسافاتها حتى كأنما يُسافر فيها على أجنحة الفكر، وقبض على عنان البرق فجعله رسول خواطره، يُسيِّره في البلاد، وساح بين الكواكب فأدرك حركاتها وطبائعها وقاسَ ما بيْنَها من الأبْعاد، وخلق لنفسه حواسَّ لم تكنْ مما عهده أسلافه من قبل، فأبصر من الخفايا ما لا تُذكر في جنبه مدارج النمل، وسمع من الأصوات ما لا يُقاس بخفائه صوتُ الكُحل، بل خرق الحجب ببصره فتخلّل ما بين دقائق الأجسام، واستبطن الضلوع والأحشاء، وسافر بين الجلود والعظام، بل تسلّل إلى باطن الدماغ، فاسترق السمع على ما يتناجى هناك من الخواطر والأوهام.
هذا هو إنسان القرن التاسع عشر، وما ذكرنا من صفته إلا مبلغ ما يتناوله الرمز ويسعه الإيماء، ولو شئنا الإفاضة في أيسر تلك المعاني، لكان غاية ما ننتهي إليه العجز والإعياء، فما عسى أن نعدد من تلك العجائب الباهرات، مما لو وُجِد أقله في الزمن الغابر لاعتقد ضرباً من السحر، أو انتُحلت به الكرامات والمعجزات. وحسبك من يُلقِّن الجماد فينطق لا كما نطق الببغاء، ومن يُسمعك كلام الغابرين فتعرفُه بنغمته وقائلُهُ في قبضة الفناء، ومن يُريك الهواء ماءً سائلاً، ثم يُريكه جمداً معقوداً، ومن يُسخِّر السحاب فيمطر في معمعان القيظ ماءاً بروداً، ويصرفه متى شاء فيبدِّد ما فيه من الصواعق تبديداً، إلى غير ذلك مما يطول الكلامُ في استقصائه، ويضيق هذا المقامُ عن إحصائه.
وهنا قد يعرض للمتأمل أن ينظر، أين كان موضع كل أمة من القرن التاسع عشر، وما الذي اكتسب الشرقيُّ فيه من المآثر، وما خلّف فيه من الأثر. فلا جرْمَ أن أهل القرن الواحد، وإن شاع بينهم فتنازعوا أيّامَه على السواء، وكانت عناصر الحياة مقتسَمة بينهم على غير أثرة ولا استثناء، فهيهات أن تستوي نسبةُ كل منهم إليه، فيقفوا فيه مواقف الأكفاء. وإنما الذي يتساوون فيه شمسُه وهواؤه، وتربته وماؤه، وبقي وراء ذلك فضل المدارك والهمم، والأعمال التي تتفاوت بها طبقات الأمم، وتتفاضل باعتبارها الأقدار والقيم. فإذا كان القرن التاسع عشر هو الذي نشأت فيه تلك العظائم، وأقام للحضارة هذا البناء الرفيع الدعائم؛ فهو من القرون التي ليس فيها للشرق ذكر يؤثر، ولا أثر يُذكر، ولا خرج الشرقي منه إلا بما احتُقب من ظلمات العصور الغوابر، وازداد عليه ما لحقه هذا العصر من الذل والمفاقر. فلا اختطّ لنفسه سبيلاً يبلغ به إلى مواطن الفلاح، ولا أقام له عزا يعصمه من تطاول الطامع والمجتاح، فضلاً عن أن يُنشئ لنفسه فخراً يُدوَّن في صحيفة الأحقاب، أو أثراً يرفع من بصر الذراري والأعقاب. ولكنَّ عصر الشرقي، إن نشط للجري في سبيل الأمم الراقية، والحصول على المجد الصّاعد والمفاخر الباقية.
هذا هو القرنُ الذي ابتدأناه عن أمم، إذا جعل رائده إلى ذلك صادق الهمم، ولم يتّكل في بلوغه على الأقدار والقسم. والله المسؤول أن يهدي خطواتنا إلى أقوم سبيل، بفضله تعالى وتسديده، إنه بالنجاح كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
...............................
* من كتاب "المنتخب من أدب المقالة" للدكتورين كمال اليازجي، وإميل المعلوف، دار العلم للملايين، د.ت. ، ص ص55-58.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:29 pm

(7) الضمير

بقلم: صطفى لطفي المنفلوطي
.....................................

أتدري ما هو الخلق عندي؟
هو شعور المرء أنه مسؤول أمام ضميره عما يجب أن يفعل.
لذلك لا أُسمِّي الكريم كريماً حتى تستوي عنده صدقة السر وصدقة العلانية، ولا العفيف عفيفا عندي حتى يعف في حالة الأمن كما يعف في حالة الخوف، ولا الصادق صادقاً حتى يصدق في أفعاله صدقه في أقواله، ولا الرحيم رحيماً حتى يبكي قلبُه قبلَ أن تبكيَ عيناه، ولا المتواضع متواضعاً حتى يكون رأيه في نفسه أقل من رأي الناس فيه.
التخلق غير الخلق، وأكثر الذين نسمِّيهم فاضلين متخلقين بخلق غير الفضيلة، لا فاضلون لأنمهم يلبسون هذا الثوب مصانعةً للناس، أو خوفاً منهم، أو طمعاً فيهم، فإن ارتقوا عن ذلك قليلاً لبسوه طمعاً في الجنة التي أعدّها الله للمحسنين، أو خوفاً من النار التي أعدّها الله للمسيئين.
أما الذي يفعل الحسنة لأنها حسنة، أو يتقي السيئة لأنها سيئة فذلك منْ لا نعرف له وجوداً، أو لا نعرف له مكاناً.
لا ينفع المرءَ أن يكون زاجره عن الشر خوفُه من عذاب النار، لأنه لا يعدم أن يجد بين الزعماء الدينيين من يلبس الشر لباس الخير فيمشي في طريق الرذيلة وهو يحسب أنه يمشي في طريق الفضيلة، أو خوفه من القانون، لأن القوانين شرائع سياسية وُضعت لحماية الحكومات لا لحماية الآداب، أو خوفه من الناس، لأن الناس لا ينفرون من الرذائل بل ينفرون مما يضرُّ بهم، رذائل كانت أم فضائل، وإنما ينفعه أن يكون ضميره هو قائده الذي يهتدي به، ومناره الذي يستنير بنوره في طريق حياته.
ومازالت الأخلاق بخير حتى خذلها الضمير وتخلّى عنها، وتولّت قيادتها العادات والمصطلحات، والقواعد والأنظمة، ففسد أمرها واضطرب حبلها، واستحالت إلى صور ورسوم وأكاذيب وألاعيب؛ فرأينا الحاكم الذي يقف بين يدي الله ليؤدِّي صلاتَه وأسواط جلاّديه تمزِّق على مرأى منه ومسمع جسم رجل مسكين لا ذنب له عنده إلا أن يملك صبابة من المال يُريد أن يسلبه إياها، والأمير الذي يتقرَّب إلى الله ببناء مسجد قد هدم في سبيله ألف بيت من بيوت المسلمين، والفقيه الذي يتورّع من تدخين غليونه في مجلس القرآن، ولا يتورَّع عن مخالفة القرآن نفسه من فاتحته إلى خاتمته، والغني الذي يسمع أنين جاره في جوف الليل من الجوع فلا يرق له ولا يحفل به، فإذا أصبح الصباح ذهب إلى ضريح من أضرحة الأولياء، ووضع في صندوق النذور بدرة من الذهب قد ينتفع بها من لا حاجة به إليها، والمومس التي تتصدّق بنفسها ليلة في كل عام على روح بعض الأولياء، وعندها أنها قد كفَّرت بذلك عن سيئاتها طول العام!
إلى كثير من هذه النقائص التي يزعم أصحابها ويزعم لهم كثير من الناس أنهم من ذوي الأخلاق الفاضلة والسيرة المستقيمة.
الخلق هو الدمعة التي تترقرق في عين الرحيم كلما وقع نظره على منظر من مناظر البؤس، أو مشهد من مشاهد الشقاء.
هو القلق الذي يُساور قلب الكريم ويحول بين جفنيه والاغتماض كلما ذكر أنه ردَّ سائلاً محتاجاً، أو أساء إلى ضعيف مسكين.
هو الحمرة التي تلبس وجه الحي خجلا من الطارق المنتاب الذي لا يستطيع رده، ولا يستطيع مدّ المعونة إليه.
هو اللجاجة التي تعتري لسان الشريف حينما تحدثه نفسه بأكذوبة ربما دفعته إليها ضرورة من ضرورات الحياة.
هو الشرر الذي ينبعث من عيني الغيور حينما تمتد يد من الأيدي إلى العبث بعرضه أو بكرامته.
هو الصرخة التي يصرخها الأبي في وجه من يحاول مساومته على خيانة وطنه، أو ممالأة عدوِّه.
الخلق هو أداء الواجب لذاته، بقطع النظر عما يترتّب عليه من النتائج، فمن أراد أن يُعلِّم الناس مكارم الأخلاق فليُحي ضمائرَهم، وليبثَّ في نفوسهم الشعور بحب الفضيلة، والنفور من الرذيلة بأية وسيلة شاء، ومن أي طريق أراد، فليست الفضيلة طائفة من المحفوظات تُحشى بها الأذهان، بل ملكات تصدر عنها آثارُها صدور الشعاع عن الكوكب، والأريج عن الزهر.
.............................
*مصطفى لطفي المنفلوطي: النظرات (ج3)، دار الجيل، بيروت، 1984م، ص ص159-162.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:30 pm

( 8 ) السنهوري والدين والدولة

بقلم: د. محمد عمارة
............................

كل الناس يعرفون عن الدكتور عبد الرازق السنهوري باشا (1313-1391 هـ 1895-1971م) أنه الذي تفرد ـ عالميا ـ بوضع القانون المدني وشرحه ..وأنه واضع الأسس القانونية والدستورية الحديثة للعديد من الدول العربية ـ مصر ـ العراق ـ سوريا ـ الكويت ـ الإمارات ـ ليبيا ـ السوادن ..إلخ ..إلخ ..

لكن القليلين هم الذين يعرفون الوجه الإسلامي للسنهوري ..ذلك الوجه الذي جعل أساتذته الفرنسيين بباريس في عشرينيات القرن العشرين ـ إبان دراسته للدكتوراه ـ يطلقون عليه لقب "الإمام الخامس" لمكانته في الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية ونظم الحكم الإسلامية !..
ولأن السنهوري قد عاصر إسقاط أتاتورك (1881-1938م) للخلافة الإسلامية سنة 1924م وشهد الاستقطاب الحاد بين المتغربين أعداء الخلافة وبين التقليدين المتعلقين "بشكل" الخلافة ـ فلقد قدم ـ لبعث الخلافة وإحيائها تصورا دستوريا يراعي المستجدات الوطنية والقومية في الواقع الإسلامي، ويحافظ على مقاصد الخلافة، كنظام سياسي متميز عن نظم الحكم الأخرى .. وفي هذا المقام كتب السنهوري فقال:
"إن حكومة الخلافة ـ السلطة التنفيذية في الإسلام ـ هي حكومة خاصة، تمتاز عن سائر الحكومات بالمزايا الآتية :
أولا: أن الخليفة ليس حاكما مدنيا فحسب، هو أيضا الرئيس الديني للمسلمين..ولا يتوهم أن الخليفة سلطة روحية شبيهة بما ينسبه النصارى للبابا في روما، فالخليفة لا يملك شيئا من دون الله ، ولا يحرم من الجنة ، وليس له شفاعة ، يستغفر بها للمذنبين ، وهو عبد من عباد الله لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، ولي أمور المسلمين في حدود معينة .

ويعني أنه الرئيس الديني للمسلمين، هو أن هناك مشاعر عامة يقوم بها المسلمون جماعة ـ كصلاة الجماعة، والحج ـ وهذه لا تتم إلا بإمام، هو الخليفة، لذلك نطلق كلمة الإمام خاصة على الخليفة إذا ولي اختصاصاته الدينية ، ونطلق عليه لقب أمير المؤمنين إذا ولى اختصاصاته المدنية .

ثانيا: أن الخليفة في استعمال سلطته التنفيذية يجب عليه أن يطبق أحكام الشريعة الغراء وليس معنى هذا أنه ملزم بالسير على مذهب خاص من المذاهب المعروفة، فله ـ بل عليه ـ وهو مجتهد، أن يراعي ظروف الزمان والمكان ، وأن يطلب من المجتهدين أن تجتمع كلمتهم عل ما فيه المصلحة لهذه الأئمة ، ولو خالف ذلك كل المذاهب المدونة في الكتب ومعلوم أن إجماع المجتهدين مصدر من مصادر التشريع .

ثالثا: أن سلطات الخليفة يجب أن تنبسط على جميع العالم الإسلامي، فوحدة الإسلام حجر أساسي في الدولة الإسلامية ، ووحدة الإسلام تستتبع وحدة الخليفة و يجب أن يكون على رأس الإسلام خليفة واحد ، وهذه هي الخلافة الكاملة. ولكن الظروف قد تلجئ المسلمين ـ وقد تمزقت وحدتهم ـ أن ينقسموا أمما ، لكل أمة حكومتها ، فيجوز تعدد الخليقة للضرورة لكن الخلافة هنا تكون خلافة غير كاملة .

على أن الخلافة الكاملة يمكن تحقيقها إذا اجتمعت كلمة المسلمين، لا على أن تكون لهم حكومة مركزية واحدة، فذلك قد يصبح مستحيلا، بل يكفي على ما أرى أن تتقارب حكومات الإسلام المختلفة وأن تتفاهم، بحيث تتكون متها هيئة واحدة شبيهة "بعصبة أمم إسلامية" تكون على رأس الحكومات، وتكون هي هيئة الخلافة، ولا سيما إذا ألحق بهذه الهيئة مجلس مستقل منها ، يكون قاصرا على النظر في الشئون الدينية للمسلمين "
نعم..لقد كتب السنهوري باشا اجتهاده هذا سنة 1929 في دراسته عن (الدين والدولة في الإسلام)..أي قبل أربعين عاما من قيام "منظمة المؤتمر الإسلامي..التي إذا طورت وبعثت فيها الروح يمكن أن تكون الصورة العصرية لعصبة الأمم الإسلامية، التي دعا إليها السنهوري..والتي تمثل "النظام السياسي الجديد " المحقق لمقاصد الخلافة الإسلامية: وحدة الأمة..وتكامل دار الإسلام..وسيادة الشريعة الإسلامية في عالم الإسلام.
.................................................. ...
*المصريون ـ في ٣ ديسمبر ٢٠٠٧م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:35 pm

( 9 )الرومانسية

بقلــــم: د. شلتاغ عبود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهي وليدة الثورة على القيم الكلاسيكية في أوربا في مجالات السياسة والاجتماع والفكر، وذلك في الربع الأخير من القرن الثامن عشر. وهي مدينة إلى أفكار (جان جاك روسو) في فرنسا التي مهدت للثورة الفرنسية عام 1789، وجسدت القيم الليبرالية أو النزعة التحررية في مجالات الحياة كافة.
فلقد سيطرت الملكية والأقطاع والكنيسة على أوروبا لفترة طويلة، وأخضعت الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية إلى قيود وضوابط كان الإنسان ينوء بحملها، ولكنه لم يعد قادراً على تحملها في القرن الثامن عشر بما عج فيه من أفكار واكتشافات وتوجيهات وطنية وقومية.
ولقد كان للتوجيهات الفلسفية الجديدة في هذا القرن أثر في الابتعاد عن الكلاسيكية وسماتها. فإذا كانت فلسفة (ديكارت) العقلية وراء ترسيخ الضوابط الكلاسيكية، فإن لفلسفة (كانت 1724 ـ 1800) أثرها في توجيه الفكر الأدبي والنقدي نحو التعبيرية، فقد كان ((يرى بأن طريق المعرفة الحقيقية هو الشعر))، وجاء بعده هيكل (1770 ـ 1813) الذي عمق من التأكيد على الذات الإنسانية واعتبر الإيمان بالعالم الخارجي متوقفاً على هذه الذات. وما دامت الذوات تتغير، فإن كلا منها يخلق العالم على صورة خاصة. وهذا يعني أن الذاتي يخلق الموضوعي، وأن العالم الداخلي للذات العارفة هو أساس صورة العالم الخارجي لديهما. وما دام الأمر كذلك، فلابد أن يقوم الشعور والوجدان والعاطفة على العقل والخبرة والتجربة.
ومن أسباب ظهور الرومانسية اكتشاف شكبير وتأثير أدبه الذي لم يتقيد بالوحدات الثلاث (وحدة الزمان والمكان والحدث) ولم يلتزم بمبدأ الفصل بين الأنواع التي كان اليونانيون والكلاسيكيون الجدد يتقيدون بها، بالإضافة إلى ما في أبده من قدرة على التحليل ووصف العواطف الإنسانية والأخلاق البشرية.
وبما أن المتطلعين إلى التجديد كانوا يضيقون بالقواعد الكلاسيكية فإنهم أعجبوا بمسرحيات شكبير وفضلوها على المسرحيات الكلاسيكية المتأثرة بالمسرحيات اليونانية ومن أولئك فيكتور هوجو أحد رواد الرومانسية الفرنسية الذي قام بترجمة مسرحيات شكبير إلى الفرنسية ودراستها دراسة متمعنة، مستنبطاً ما فيها من خصائص، ومتخذاً منها سلاحاً ضد الكلاسيكية وقواعدها.
وعلى الرغم من أن الفرنسيين كانوا السباقين لاكتشاف شكبير فإن الألمان كانوا أشد إعجاباً به واستفادة من آرائه.
ومما كان له أثر، كذلك، في التوجيه الرومانسي الأوربي تلك الرحلات والأسفار إلى عالم الشرق الساحر حيث أطلق خيال الأوربيين في الحلم بحياة خير من حياتهم المادية. فلقد كتب الرحالة عن حكمة المصريين ووصفوا سحر بغداد، كما جسدته حكايات ألف ليلة وليلة، ووصفوا الهند، بما فيها من عادات وتقاليد غربية.
ولقد كان لفشل نابليون وهزيمته في معركة (واترلو) عام 1815 أثراً بارزاً في تأجيج الروح الرومانسية، وطبعها بطابع الحزن واليأس والتشاؤم، وذلك لأن الفرنسيين الذين حسبوا أنهم أصبحوا حملة لراية الحرية، وصاروا يحلمون بأنهم سيقودون العالم، ويملكون فجاج الأرض، انتهوا إلى هزيمة منكرة، ووقعوا في قبضة أعدائهم.
ونستطيع أن نتعرف على ملامح هذا المذهب من خلال موقف شعرائهم من هذه القضايا الموضوعية:
1 ـ الدين: يلاحظ القارئ لأشعار الرومانسيين أنهم أكثر ميلاً إلى الدين من المذهب الكلاسيكي السابق، وهذا ما ينسجم وطابع التوجه العاطفي لديهم، فقد شدهم عالم الروح وغموضهِ وأسرارهِ. وربما يكون هذا الميل نتيجة لطغيان التوجه المادي في الحياة الأوربية. ولكن هذا لا يعني أنهم جعلوا من نتاجاتهم محتوى للأفكار الدينية، أو دعوا إلى هذه الأفكار بطريقة وعظية، بل إن شعرهم يعبر عن حاجة الإنسان إلى العقيدة الروحية (ولكنها عقيدة حرة منبعها القلب، ولا تلتزم حرفياً اتباع دين من الأديان السماوية) وربما وجدت لدى بعضهم شطحات صوفية غريبة، وربما صاحب أشعارهم كثير من الشك والقلق وعدم الاطمئنان.
2 ـ الطبيعة: مثل الميل إلى الطبيعة لدى الرومانسيين مرحلة حضارية جسدتها فكرة الثورة على القيود والتقاليد والظلم، وذلك منذ أن دعا جان جاك روسو إلى أن يتعلم الإنسان من الطبيعة مباشرة، وليس مما اعتاده الناس من مواصفات. ومنذ ذلك الحين صار التوجه إلى الطبيعة يمثل ميلاً إلى الفطرة والنقاء والحرية. وقد عرف عن الرومانتيكيين حبهم للوحدة، ورغبتهم في ترك المدن والفرار إلى الطبيعة بما فيها من حقول وبحار وجبال، بعيداً عن مشكلات المجتمع وهمومه وحروبه.
وفي الغالب فإنهم يتناولون من الطبيعة مناظرها الكئيبة التي تتلاءم مع أحاسيسهم ومع حالاتهم كالعواصف والقمر الشاحب والليالي المظلمة، والأمواج الهائجة، ويصفون سقوط أوراق الأشجار، وتلبد السماء بالغيوم والضباب، وتساقط الثلوج، ويتحدثون عن الذبول والفناء من خلال مشاهد الخريف خاصة.
والرومانسيون لا يحبون الطبيعة فحسب، بل يعدونها صديقة لهم تشاركهم مشاركة روحية وقلبية، وربما ارتفع هذا الحب إلى درجة التقديس، وربما صار مجلى لعظمة الله الذي أبدعها.
3 ـ الحب والمرأة: تختلف نظرة الرومانسيين للحب والمرأة عن سابقيهم الكلاسيكيين الذين كانوا يصدرون عن طابع العقل، فينظرون إلى الحب على أنه نوع من الهوى، فكانوا قليلاً ما يتحدثون عن ذواتهم وتجاربهم الخاصة.
أما الرومانسيون فقد قادهم التوجه العاطفي إلى النظرة إلى الحب على أنه عاطفة ملهمة وفضيلة كبرى. وقد ارتفعوا بالحب إلى درجة التقديس والعبادة وارتفعوا به عن النزوات والدوافع الحسية.
ونتيجة لهذا ارتفعت مكانة المرأة لديهم فصارت ملاكاً نزل من السماء لينقي النفوس ويطهرها، ويقربها إلى الله، ولكن هذا كان يقترن في بعض الأحيان بالنظر إليها إلى أنها شيطان غاو وكائن خائن، خاصة لدى الشعراء الذين فشلوا في حبهم أو هجرتهم نساؤهم، أو خانتهم حبيباتهم.
وإذا ما أضفنا إلى هذه المواقف خصائصهم الفنية التي اقتربت اللغة فيها إلى لغة الحياة اليومية، وابتعدت عن اللغة التي تستوحي عالمها من الأدب القديم ومفرداته. ولا عجب فاشتقاق الرومانسية جاء من كلمة (Romnius) التي أطلقت على اللغات واللهجات الشعبية التي تفرعت من اللغة اللاتينية. ثم هي تستقي مفرداتها من عوالم الطبيعة والروح والموسيقى والحب، وهي عوالم تجنح باللغة إلى الرقة والهمس بعيداً عن الجهرية والخطابة القديمة.
أما صورهم فهي صور الخيال الجامع، والعالم المجهول، والعلاقات الشفيفة بين الأشياء وسيطرة العاطفة على هذا الخيال، وقيادتها له. وربما صاحب هذا ميل إلى الرموز والأساطير، وهذا الميل سيفضي إلى مذهبية واضحة المعالم كما سنشهد لدى المدرسة الرمزية.
وخلاصة الأمر في سمات الرومانسية أنها تعبير عن ذات الأديب ونوازعه، وليس محاكاة لعالم المثل، أو عالم الطبيعة، كما هو الحال في نظرية المحاكاة اليونانية، بل هي ليست تعبيراً عن المجتمع وقوانينه، كما هو الحال في نظرية الانعكاس في المذهب الواقعي .. ولهذا سمي المذهب الرومانسي بالمذهب التعبيري. ويراد به التعبير عن عواطف الأديب وعوالمه الذاتية.
وقد أشرنا إلى أن التعبير عن الذات لدى الرومانسيين كثيراً ما كانت ترافقه الشكوى والإحساس بالألم والتبرم من الحياة وقوانين المجتمع وظلمه، ولذلك جاءت نتاجاتهم طافحة بالأحزان متلفعة بالتشاؤم لائذة بالهروب أما إلى الطبيعة أو إلى عوالم الروح أو إلى الماضي بذكرياته المرة والحلوة أحياناً.
وهذه المعالم الرومانسية الأوربية نجد لها بعض الملامح في شعرنا العربي القديم، ولكنها لم تتخذ طابعاً مذهبياً تتجسد فيه النسب الفنية الرومانسية بدرجة عالية إلا في العصر الحديث، وفي الرابع الأول من القرن العشرين خاصة. وذلك للاتصال المباشر بين حياتنا الثقافية والثقافة الأوربية عن طريق الصحافة والكتاب والسفر بل والمناهج المدرسية الحديثة في الأقطار العربية.
ولا أخطئ إذا قلت إن (هازلت) هو إمام هذه المدرسة كلها في النقد، لأنه هو الذي هداها إلى معاني الشعر والفنون وأغراض الكتابة.
كان المؤثر الخارجي الأوروبي من أبرز المؤثرات في نشأة الرومانسية في الأدب العربي الحديث. ويقول الأستاذ عباس محمود العقاد، وهو من أبرز أعمدة هذا الاتجاه: ((فالجيل الناشئ بعد شوقي وليد مدرسة لا شبه بينها وبين مَن سبقها من تاريخ الأدب العربي. فهي مدرسة أوغلت في القراءة، ولم تقتصر قراءتها على أطراف الأدب الفرنسي، كما كان يغلب على أدباء الشرق الناشئين في أواخر القرن الغابر ... ولعلها استفادت من النقد الانجليزي فوق فائدتها من الشعر وفنون الكتابة الأخرى مدرسة الرومانسية الآخرين مثل المازني وعبدالرحمن شكري. أما شعراء المهجر الشمالي والجنوبي فواضح أثر الشعر الأمريكي والانجليزي في آثارهم. وامتد هذا التأثير الثقافي في الجيل التالي لهم من الشباب من جماعة أبولو مثل إبراهيم ناجي وعلي محمود طه والمهندس وأبي القاسم الشابي وغيرهم.
ولكن هذا التأثير الخارجي لم يكن ليجد طريقه سهلاً في النفوس لولا الظروف المحلية التي كانت مهيأة في البيئة العربية آنذاك لاستقبال هذا النوع من الأدب والكتابة على هداه. ولعل من أبرز هذه الظروف ذلك الحزن الذي تولد نتيجة للإحباط بعد فشل الثورات التي قاومت الاحتلال في مشرق العالم العربي ومغربه، بالإضافة إلى الظلم والقهر الذي مارسته السلطات الوطنية التي ورثت الحكم من الاحتلال الأجنبي، بطريقة يعرفها رجال السياسة ولعبة الحكم. ولهذا نمت نبتة الحزن والتشاؤم واليأس في البيئة العربية، وتغذت حين وجدت ما يشبهها في الآداب الأوروبية في بدايات القرن العشرين عندنا أن يقلدوا المذاهب الأدبية الأخرى التي كانت سائدة في القرن العشرين، ولكنها لم تكن تتسق وهواهم ومواجدهم الحزينة.
ومع هذا التأثير الواضح الذي لا يمكن انكاره بحال، فإن الرومانسية في الأدب العربي الحديث لها طابعها وسماتها المتصلة بواقعنا السياسي والحضاري. يقول الدكتور حلمي علي مرزوق: ((حتى أولئك الذين سلكوا مسلك الرومانتيكيين من شعرائنا المحدثين، وبرزوا برؤيتهم الجديدة بروزاً غير منكور، تحس ي شعرهم شيئاً كاللاشعور من معاناة الكبح أو الحذر الخفي أن يشتط بهم الخيال. وهذا الشابي ثار بنفسه وثار بالحياة الاجتماعية، كما ثار بالأرض والسماء، إلا أنه يعود آخر الأمر فيفزع إلى الله بالتوبة والاستغفار. ولعل في ذلك كله تفسيراً لما آل إليه أمر الرومانتيكية في مصر وعامة العالم العربي، لأنها لم تنجح قط في فلسفتها بقدر ما نجحت في تلخيص الأدب العربي الحديث في آفاق الشكل والقوالب الشعرية التي مات فيها الإحساس، كما صرفته عن الغلو في التجديد .. )).
وبسبب من هذا تجد الدكتور عبدالقادر القط يسمي هذا الاتجاه في أدبنا بـ (الاتجاه الوجداني) تميزاً له عن خصوصيات الرومانسية الغربية وارتباطها بالتيارات الفكرية والفلسفية. ولعل من آيات الملامح الخاصة بأدبنا ذلك التيار من التفاؤل والثورة والتمرد الذي انتهى إلى الواقعية والارتباط بظروفنا الاجتماعية والسياسية، كما سنلاحظ.
ومن الجدير بالذكر أن شعراء الاتجاه الوجداني لدينا ليسوا كلهم سواء في درجة تأثيرهم بالرومانسية الغربية، أو تمثلهم لخصائصها. فمن المعروف أن هذا الاتجاه مثلته ثلاث مدارس هي مدرسة الديوان ومدرسة المهجر ومدرسة أبولو التي مثلت قمة ما وصل إليه هذا الاتجاه في أدبنا.
وبما أن صدر هذه الصفحات لا يتسع لذكر قصائد كاملة، فإننا سوف نكتفي بالتمثيل لبعض النصوص الدالة على خصائص هذا الاتجاه.
يقول أبوالقاسم الشابي:
ها أنا ذاهب إلى الغاب يا شعبي
لأقضي الحياة وحدي بيأسي
ها أنا ذاهب إلى الغاب على
في صميم الغابات أدفن بؤسي
ثم أنساك ما استطعت فما أنت
بأهل لخمرتي ولكأسي
سوف أتلو على الطيور أناشيدي
وأفضي لها بأحزان نفسي
فهي تدري معنى الحياة وتدري
إن مجد النفوس يقظة حسي
ثم تحت الصنوبر الناضر الحلو
تحط السيول حفرة رمسي
وتظل الطيور تغلو على قبري
ويشدو النسيم فوقي بهمس
وتظل الفصول تمشي حوالي
كما كن في غضارة أمسي
فهو يهرب من الواقع الذي لا ينسجم ومثله وطموحاته، ويثور على المجتمع، ولكنها ثورة سلبية، ولهذا تراه يرتاح إلى العيش في الغاب بعيداً عن الظلم الاجتماعي. تطلعاً إلى الحرية والبراءة، وبحثاً عن القيم المفقودة في المجتمع. بل تشنيعاً بالبشر الذين لا يقدرون قيمة الشاعر ذي القلب النبوي، والروح العبقري.
إنه ارتياح إلى الطبيعة في هذه الحياة، وما بعدها، حيث تظل رموز هذه الطبيعة من الصنوبر والسيول والطيور والنسيم، بل الفصول كلها تغني لهذا الزائر الذي أحبها وأفنى حياته فيها.
ومن شعر الطبيعة إلى الحب والمرأة التي صارت لدى الرومانسيين مثالاً يطمح كل شاعر أن يحظى بعناقه في عالم الواقع، ولكنه يعز ويصبح بعيد المنال، فيزدادون تشوفاً إليه وتحرقاً، وينظرون إليه نظرة تقديس وتهيب وجلالة، حتى لتراهم يتحدثون عن المحبوب وكأنهم في محاريب عبادة وتبتل. ولهذا شاع في قاموسهم الشعري هذا السيل من الألفاظ الدينية ذات الدلالات الموحية، مثل: الصلاة، والوحي، والمحراب، والكعبة، والهدى, والنور ... تلاحظ هذا بشكل خاص في شعر إبراهيم ناجي، فهو يتطهر بالحب ويسمو به حتى يصبح روحاً شفافة لا تنتمي إلى عالم المادة والطين، يتجاوز خطايا الناس ويغفر لهم زلاتهم معه، لأنه تجاوز عالمهم الحسي المحدود إلى عوالم أوسع وأرحب بفضل هذا الحب الكبير:
سنانك صلاة أحلامي
وهذا الركن محرابي
به ألقيت آلامي
وفيه طرحت أوصابي
هوى كالسحر صيرني
أرى بقريحة الشحب
وطهرني وبصرني
ومزق مغلق الحجب
سموت كأنما أمضي
إلى رب يناديني
فلا قلبي من الأرض
ولا جسدي من الطين
سموت ودق إحساسي
وجزت عوالم البشر
نسيت صغائر الناس
غفرت إساءة القدر
بهذه اللغة الشفيفة، وهذه الصورة الموحية المكثفة المرتبطة بالنفس، وهذه الموسيقى المتلونة الهامسة. ولا أظن إننا بهذا النص أو بغيره نستطيع أن نرصد الخصائص المعنوية والفنية لهذه المدرسة، فالعودة تكون، إذاً، لدواوين الشعراء أنفسهم، وللدراسات التي كتب عنهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:36 pm

( 10) رؤى آخـر الزمــان فـي إســرائيل

بقلم‏:‏ فهمـي هـويـــدي
...........................

(1)‏
من مفارقات الأقدار وسخرياتها أنه في حين عبر الرئيس بوش عن انبهاره بإسرائيل ومستقبلها‏'‏ الزاهر‏',‏ فإن عددا غير قليل من المثقفين الإسرائيليين خالفوه في الرأي‏,‏ معتبرين أنهم يعيشون في بلد لا مستقبل له‏.‏
لا تزال أصداء الصدمة تتردد في العالم العربي منذ ألقي الرئيس بوش خطابه أمام الكنيست في مناسبة احتفال إسرائيل بالذكري الستين لتأسيسها‏,‏ لأنه أفرط في التعبير عن انبهاره وتعلقه بنموذج الدولة في إسرائيل‏.‏ و هو ما لم يتوقعه الذين راهنوا علي الرجل وإدارته‏,‏ وأحسنوا الظن بهما‏.‏ ذلك أن الرئيس بوش لم يستطع أن يخفي مشاعره حين وقف أمام الكنيست‏,‏ ففتح قلبه وصارح الجميع بالحقيقة التي التبس أمرها علي كثيرين من العرب والفلسطينيين‏.‏ فلم يتحدث فقط كواحد من غلاة الإنجيليين الذي يعتبرون أن إقامة إسرائيل جاءت تحقيقا للوعد الذي منح لشعب الله المختار‏,‏ ولكنه استخدم أيضا لغة عتاة الصهاينة الذين يعتبرون الحاصل في فلسطين صراعا بين الخير والشر‏ (الذي يمثله العرب أجمعين بطبيعة الحال‏),‏ ثم مضي يكيل المديح لنموذج الدولة الإسرائيلية التي قال أنها حاربت بشراسة من أجل العدالة والكرامة الإنسانية والحرية‏,‏ حتى أصبحت بعد ستة عقود ‏'نوراً للأمم‏',‏ وحين تحتفل بذكري تأسيسها المائة والعشرين‏ (بعد ستين عاما أخرى‏)‏ ستكون واحدة من أعظم الديمقراطيات كأرض آمنة ومزدهرة للشعب اليهودي‏..‏الخ‏.‏
‏(2)‏
الفرقعة التي أحدثها خطاب الرئيس بوش تمت وسط أجواء من الجدل المتسم بالتشاؤم بين المثقفين الإسرائيليين الذين أدركوا أن بلدهم بوضعها الراهن الذي بهر الرئيس الأمريكي ليست مرشحة للاستمرار‏.‏ فابراهام بورج رئيس البرلمان الأسبق الذي اعتزل الحياة السياسية في عام ‏2004م‏ وصف إسرائيل بأنها ‏'دولة فاشية واستعمارية تقودها زمرة لا أخلاقية من الفاسدين الخارجين علي القانون‏'.‏ وقال كلامه هذا في حوار أجرته معه صحيفة «يديعوت أحرنوت‏»,‏ عقب إصدار كتابه «الانتصار علي هتلر»,‏ الذي ذهب فيه إلي أن إسرائيل تسير علي خطي هتلر‏,‏ وأنها تنتظر المصير ذاته‏,‏ طالما ظلت متمسكة بالصهيونية ومعتمدة علي السيف والعنف في إخضاع الفلسطينيين وسحقهم‏.‏
كتاب بورج ليس وحيدا في بابه‏,‏ ولكن عددا آخر من الباحثين الإسرائيليين‏,‏ من سلالة حركة المؤرخين الجدد‏,‏ وجدوا أن مناسبة الذكري الستين تهيئ ظرفا مواتيا لفتح الملفات والحديث بصراحة عن‏ «اختراع‏» الشعب اليهودي من قلب الخرافات والأساطير التي حفلت بها التوراة‏.‏ وهو ما خلص إليه شلومو ساند الأستاذ بجامعة تل أبيب في كتابه‏ «كيف تم اختراع الشعب اليهودي‏:‏ من التوراة إلي الصهيونية»,‏ وما أيده كتاب‏ «كشف الغطاء عن التوراة‏»,‏ لمؤلفيه الأثريين إسرائيل فينكلشتاين وأشر وسيلبرمان‏.‏ في ذات الوقت كشف باحثون آخرون عن حقيقة الجرائم البشعة التي ارتكبتها الجماعات الصهيونية المسلحة للاستيلاء علي أراضي الفلسطينيين وطردهم‏,‏ خصوصا المذابح التي أدت إلي التطهير العرقي‏,‏ والتي تكذب الادعاءات التي روجتها الأبواق الإسرائيلية بأن الفلسطينيين باعوا أراضيهم أو غادروا بلادهم باختيارهم‏.‏ وقد فضح هذه الجرائم إيلان بابي في كتابه‏ «التطهير العرقي لفلسطين‏»؛‏ الأمر الذي أحدث صدمة في المجتمع الإسرائيلي‏,‏ اضطرته للاستقالة من منصبه كأستاذ بجامعة حيفا‏,‏ والهرب إلي بريطانيا ليعمل في إحدى جامعاتها‏.
وجه إسرائيل القبيح وتاريخها الملطخ بالدم وبأشلاء الفلسطينيين الأبرياء‏,‏ الذي لم يره الرئيس بوش‏,‏ أبرزه أيضا آفي شلايم الأستاذ بمعهد سان أنطوني في أوكسفورد‏,‏ في كتابه‏ «الجدار الحديدي:‏ إسرائيل والعالم العربي»,‏ الذي هدم فيه أسطورة الدولة اليهودية التي تدعي أنها محبة للسلام‏,‏ ومحاطة بعالم عربي يريد القضاء عليها‏.‏
‏(3)‏
هذا الجدل احتل مكانة ملحوظة في الصحف العبرية‏,‏ فالبروفيسور امنون روبنشطاين الوزير الأسبق وأستاذ القانون بجامعة تل أبيب الذي تخصص في الكتابة عن مستقبل الدولة‏,‏ نشرت له هاآرتس حواراً في 14/‏4‏ الماضي‏,‏ قال فيه إن إسرائيل لا يمكنها البقاء بسبب نوعين من التهديد‏,‏ أحدهما خارجي يتمثل في فشلها في ردع العرب‏,‏ والثاني داخلي يمثله انتشار الفساد وتآكل ما يسميه «منظومة القيم الصهيونية‏» التي قامت عليها الدولة‏.‏ أضاف في هذا الصدد أنه علي الرغم من انتصارات إسرائيل في حروبها الكبيرة مع الدول العربية‏,‏ إلا أن هذه الانتصارات فشلت في اجتثاث الرغبة العربية في محاربة إسرائيل‏,‏ وفي رأيه أن ما يجعل الأمور أكثر تعقيدا هو‏ «أسلمة‏» الصراع‏,‏ واتخاذه بعدا دينيا‏,‏ الأمر الذي لا يزيد فقط رقعة العداء لإسرائيل‏,‏ بل يجعله أكثر تصميما‏,‏ واعتبر روبنشطاين أن إسرائيل قد تستيقظ في يوم ما وقد أحيطت بأنظمة حكم ذات توجه إسلامي‏,‏ لا ترفض وجود إسرائيل فحسب‏,‏ بل تتجند من أجل إزالتها‏.‏
في نفس الوقت‏,‏ فإن روبنشطاين رصد مظاهر تحلل منظومة‏ «القيم الصهيونية‏»,‏ مثل ميل الشباب الإسرائيلي لعدم التضحية من أجل الدولة والذي يعكسه تراجع الحماس في صفوفهم للانخراط في سلك الجندية‏,‏ و هي نقطة أيده فيها أيرز ايشل مدير مدرسة‏ «إعداد القادة»‏ في تل أبيب‏,‏ الذي قال في مقال نشرته صحيفة‏ «يديعوت أحرنوت » (3/4)‏ أن أحد مصادر هدم منظومة القيم هذه تتمثل في حقيقة أن قادة الدولة لم يعودوا مثالا يحتذي به الشباب الإسرائيلي‏.‏ إذ في الوقتِ الذي يصرخ قادة الدولة مهددين بشن مزيد من الحروب‏,‏ فإنهم يستثنون أبناءهم من تحمل عبء هذه الحروب‏,‏ ودلل علي ذلك بان ابني رئيس الوزراء الحالي إيهود أولمرت تهربا من الخدمة العسكرية بالسفر للخارج‏.‏
أيضا من رأي الجنرال شلومو جازيت الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العسكرية الإسرائيلية‏ «أمان‏» أن رفض إسرائيل التجاوب مع الرغبة العربية لحل الصراع يحمل في طياته دمار إسرائيل‏,‏ وشن جازيت في مقال نشرته «معاريف»‏ بتاريخ 9/‏4‏ انتقادا حادا علي المستشرق الأمريكي برنارد لويس الذي دعا إسرائيل لعدم التفاوض مع العرب‏,‏ معتبرا أن تخليد الوضع القائم هو الذي سيؤدي إلي تصفية إسرائيل‏,‏ ما لم توافق حتى علي هدنة طويلة المدى تتنازل مقابلها عن حدود العام ‏1967م.‏
ناحوم برنيع كبير المعلقين في صحيفة‏ «يديعوت أحرنوت‏»,‏ أوسع الصحف الإسرائيلية انتشارا‏,‏ الذي توقع فشل إسرائيل في حرب لبنان الثانية من أول يوم فيها‏,‏ قال أنه علي رغم أن إسرائيل اليوم قوية من ناحية عسكرية وذات منعة اقتصادية‏,‏ إلا أن الناس فيها يفقدون الثقة بمستقبلها وبقدرتها علي البقاء‏,‏ وروي في مقال نشره بتاريخ 19/4‏ حادثة طريفة وقعت مع الكاتب اليهودي الأمريكي جوردس فقال إنه ذهب إلي طبيب للحصول علي وصفة دواء طلب أخذها قبل السفر بالجو‏,‏ فسأله الطبيب‏: «بماذا تعمل؟‏».‏ فرد جوردس‏:‏ أنا كاتب‏.‏ عندئذ سأله‏:‏ ماذا تكتب؟‏.‏ قال‏:‏ حول مستقبل إسرائيل‏.‏ فضحك الطبيب‏,‏ وقال‏:‏ آه أفهم الآن‏,‏ أنت تكتب قصصا قصيرة‏!.‏ وعلق برنيع علي تلك الإجابة قائلا إنها تعكس المزاج العام في إسرائيل‏,‏ وهو مزاج الشعور بنهاية الزمان‏,‏ مع أنه لا يتحدث عنه أحد لكن الجميع يشعرون به‏,‏ إنه نوع من اليأس لا ينبع من الحرب التي كانت أو من الحرب التي قد تأتي‏,‏ بل من مصادر أعمق‏,‏ علي حد تعبيره‏.‏ وذكر إن مظاهر المنعة العسكرية والاقتصادية التي تتمتع بها إسرائيل مضللة‏.‏ مشيرا إلي أنه على الرغم من أن إسرائيل ذات اقتصاد مستقر‏,‏ وأسعار العقارات فيها تبلغ عنان السماء‏,‏ وجيشها قوي‏,‏ وجامعاتها ذات نوعية عالية‏,‏ ومع ذلك فهي تعجز عن توفير الأمن لليهود الذين يعيشون فيها‏,‏ وهي لا تعطيهم الحياة الطبيعية‏.‏ وذكر برنيع أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي مجرد وجودها لا يزال مثيرا للجدل‏,‏ في حين لا يشك أحد في العالم في حق الفلسطينيين في دولة‏.‏
‏(4)‏
لا يكتفي المفكرون والكتاب الصهاينة بالحديث عن تنبؤاتهم بالمستقبل المظلم لإسرائيل‏,‏ بل يعددون المظاهر التي تدعم هذه التنبؤات‏.‏ إفراهام تيروش سكرتير ثاني حكومة شكلها مناحيم بيجن يري في مقال نشرته «معاريف» بتاريخ 28‏/2 أن أوضح مظهر من مظاهر انهيار الفكرة الصهيونية هو قرار الوكالة اليهودية بالتوقف عن محاولة إقناع اليهود في أرجاء العالم بالهجرة إلي إسرائيل‏,‏ معتبرا أن هذا يدلل علي فشل الحركة الصهيونية في المحافظة علي قوة الدفع الخاصة بأفكارها‏.‏ ويؤكد أنه بالنسبة لليهود في أرجاء العالم‏,‏ فإنهم باتوا يرون أن مخاطر العيش في إسرائيل أكبر من مخاطر العناصر اللاسامية في الشتات‏.‏ ويشير تيروش إلى مظاهر انفضاض اليهود عن إسرائيل‏,‏ مستندا إلي نتائج دراسة أجريت في أوساط اليهود الأمريكيين دللت علي أن‏70%‏ منهم لم يزوروا إسرائيل ولا يعتزمون زيارتها‏;‏ و‏50%‏ من يهود الولايات المتحدة متزوجون زواجا مختلطا‏;‏ و‏50%‏ من الشباب اليهود هناك لا يهمهم إذا اختفت إسرائيل من الوجود‏.‏
رئيس الكنيست السابق روفي ريفلين‏,‏ القيادي البارز في حزب الليكود قدم مثالا آخر علي تغلغل اليأس في نفوس الإسرائيليين من مستقبل كيانهم‏,‏ والذي يعبر عنه سعي أعداد متزايدة من الإسرائيليين للحصول علي جوازات سفر أوروبية لاستخدامها في الفرار من الدولة عند الحاجة‏,‏ فيذكر في مقال نشرته صحيفة هآرتس‏ (14/4)‏ أن هذا السلوك لم يكن ليصدر عن هؤلاء الإسرائيليين لولا الشعور المتأصل في نفوسهم بأن الدولة في طريقها للتفكك والزوال‏,‏ ويجزم بأن ذلك سيؤدي إلي ظهور تباينات فكرية واجتماعية وسياسية بين الإسرائيليين الذين لا يمكنهم الحصول علي جوازات سفر أجنبية ولا يعرفون أن لهم ملاذا آخر‏,‏ وبين أولئك الذين يعتقدون أن لديهم خيارات أخرى‏.‏ مؤكدا أن هذه الظاهرة ستكون القوة التي ستنتج مظهرا آخر من مظاهر الانقسام في المجتمع‏.‏
وهناك من يرى أن عزوف اليهود عن الهجرة لإسرائيل يرجع لكفرهم بالأساطير التي تأسست عليها إسرائيل‏,‏ وفي مقال نشرته صحيفة‏ «هآرتس»‏ بتاريخ 22/3‏ قال يولي جولدشتاين من قادة الجالية اليهودية في كندا أن‏'‏ الأساطير‏'‏ التي كانت إسرائيل تحاول إقناع يهود العالم بها لم تعد تنطلي علي أحد سيما تصوير إسرائيل وكأنها‏'‏ الحصن الأخير في مواجهة الذين يكنون العداء لليهود‏'.‏ وأشار إلي حقيقة كون‏85%‏ من اليهود في مدينة ‏'مونتريال‏'‏ التي تضم أكبر تجمع يهودي في كندا قد هاجروا أصلا من إسرائيل التي بذلت جهدا كبيرا لإخراجهم من‏ 'الاتحاد السوفيتي‏',‏ لكنهم بعد أن عاشوا فيها قرروا تركها والتوجه لكندا‏,‏ ثم تساءل‏: 'هل هناك ثمة سبب للاعتقاد بأنهم سيفكرون الآن بالعودة إليها‏؟'.‏
أيا كانت الشواهد الدالة علي ما ينتظر إسرائيل في المستقبل‏,‏ فإننا لا ينبغي أن نراهن علي ذلك‏,‏ فنبقي علي أوضاعنا كما هي انتظارا لما تأتي به الأيام‏,‏ لأن تجميد الأوضاع العربية علي ضعفها هو الذي قد يطيل من عمر إسرائيل‏,‏ في حين أن الأخذ بأسباب القوة والمنعة وحده الذي يفقد إسرائيل أملها في بسط هيمنتها علي العالم العربي‏,‏ ومن ثم يعجل بهزيمتها سواء عاشت أو بادت‏.‏
....................................
*الأهرام ـ في 28/5/2008م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:37 pm

( 11) الجماعية في الأداء

بقلم : محمد جبريل
......................

الجماعية فى الأداء شرط مهم لتحقيق النجاح فى أى عمل ينسب إلى الجماعة . بديهية يتناساها البعض لمجرد أن يكون هو وحده فى الصورة ، لمجرد أن يصبح نجماً ، يتحول زملاؤه من حوله إلى كومبارس أو ظلال .
يتسلم لاعب الهجوم فى فريق كرة القدم كرته من لاعب خط الظهر ، أو من لاعب خط الوسط . هو ـ كما ترى ـ لم يلتقطها من السماء ، أو أنه وجدها ملقاة فى جانب الملعب .
يتقدم اللاعب بالكرة فى اتجاه المرمى ، يلاحقه من فريقه لاعبان أو ثلاثة .
حسب قواعد لعبة البلياردو ، فإن على اللاعب أن يمرر الكرة من موضعه فى الجانب إلى زميل يواجه المرمى الذى قد يكون خالياً ، لكنه يفضل ـ فى أنانية عقيمة ـ أن يشوط الكرة فى الدفاع المتكتل ناحيته ، أو فى حارس المرمى ، أو يشوطها خارج الملعب . ويواجه اللاعب نظرات زملائه المؤنبة باعتذار لا معنى له ، فقد ضيع على فريقه هدفاً ، ربما كفل له الفوز !
فى اجتماعات هيئة ثقافية مسئولة ، طرح زميل اقتراحاً ، وافق عليه الأعضاء ، وقرروا تبنيه . لكن الزميل ما لبث أن سحب اقتراحه .
سألته بينى وبينه : لماذا ؟.
قال فى بساطة مذهلة : أخشى ألا ينسب الاقتراح لى !
ظل الاقتراح مشروعاً مؤجلاً ، مع أنه ـ فيما أذكر ـ كان يمثل إضافة إلى حياتنا الثقافية ، لا لسبب إلا لأن مقدم الاقتراح رفض الجماعية ، وخشى أن يدخل معه فى الخط آخرون يشاركونه النجومية !. وللأسف فقد نسى الأعضاء اقتراح الزميل ـ أو تناسوه ـ فلم ير النور !
العمل الجماعى يعنى أنه من صنع الجماعة ، هى التى تدرس وتخطط وتنفذ وتجنى الثمار ، أو تهب الثمار للمجتمع كله . إذا تصرف كل فرد فى حدود إحساسه بالفردية ، فإنه يمتنع عن وضع طوبة فى البناء الذى يسكنه الجميع ، أو يصنع ثقباً فى السفينة التى تقل الجميع !
عشنا أمثلة رائعة ونبيلة فى المعنى الذى يضحى ليس بالفردية فحسب ، وإنما بالحياة من أجل أن تنتصر الجماعة ، أن ينتصر الوطن : الجندى الذى وضع جسده على الأسلاك الشائكة ، ليعبر زملاؤه من فوق جسده إلى معسكر العدو . لم يتوقع إشادة من أى نوع ، ولا على أى مستوى . كل ما شغله أن يجعل من جسده معبراً لزملائه نحو النصر .
إذا تدخلت الفردية فى العمل الجماعى ، فإنها تسىء إلى الفرد ، وإلى الجماعة فى الوقت نفسه .
وحتى أكون محدداً ، فإن الظاهرة السلبية موجودة فى معظم ـ إن لم يكن كل ـ هيئاتنا الثقافية ، سواء كانت أهلية النشاط ، أم تابعة للدولة . واٍسألوا لجان المجلس الأعلى للثقافة وأقسام الجامعات واتحاد الكتاب ونادى القصة ورابطة الأدب الحديث التى يذكرنى سكرتيرها العام صديقنا الشاعر محمد على عبد العال بإمام اليمن الأسبق عندما كان يحتفظ بمفاتيح مؤسسات اليمن السعيد فى جيبه ، والقائمة طويلة !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
سلسبيلة
عضو فعال
عضو فعال
سلسبيلة


عدد الرسائل : 2116
انثى
العمر : 38
البلد : الجزائر الحبيبة
العذراء

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 3:55 pm

فكرة رائعة عمر
احب قراءة المقالات واخيرا صار عندنا مكتبة مقالات
ستطول اقامتي هنا
هل يمكنني المشاركة ؟؟
قرات بعضا مما اقتطفت لنا
واكثر ما اعجبت به مقالة العقاد حول النقد

شكرا لك عمر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 4:33 pm

سأكون جدا مسرورا يا سلسبيلة
لو كل واحد منا يضع شيئا مما قراه هنا
شاكر لك حسن المرور وخير التعليق .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
سلسبيلة
عضو فعال
عضو فعال
سلسبيلة


عدد الرسائل : 2116
انثى
العمر : 38
البلد : الجزائر الحبيبة
العذراء

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 13, 2008 5:13 pm

مساء الخير
وددت ان تكون اولى مقالاتي التي اشارك بها للمحلل السياسي الجزائري سعد بو عقبة

سعد بوعقبة

هيكل وسايفون العرب؟!

وجهات نظر

قال هيكل في الجزيرة: إن العرب يشبهون عربة محركها وهيكلها مصر·· ووقودها السعودية والخليج·· وعجلاتها الشام·! وتكرّم على شمال إفريقيا بدور ''الاكسسوارات'' واستعمل تعبير الفرش! والغريب في قول هيكل أنه نسبه لرئيس أمريكي ليعطيه قوة الحجة!
ولو قال هيكل هذا الكلام في عهد ناصر لقبلناه على مضض· أما وأن يقول هذا في العهد الحالي الذي تحولت فيه مصر إلى شقة مفروشة لكونداليزا رايس وليفني تسيبي'' بكل مستلزمات الشقة المفروشة من غسيل ومكوى فهذا ما لايقبل! خاصة وأن شرم الشيخ يوجد في مصر ولا يجود في شمال إفريقيا·! وهو الرمز الذي لا ينافس للطحين العربي! في أمة ''مفروشة'' بالمعنيين الجزائري والمصري!
شمال إفريقيا يا أستاذ هو الجزء العربي الوحيد في هذه الأمة التي يقال أنها عربية الذي أخرج الاستعمار بالقوة وليس بالمفاوضات الانبطاحية التي حولت العرب إلى ملهى ليلي كبير لإسرائيل وحلفائها·!
والمضحك فيما قاله هيكل أن العراق لا وجود لها في عربة هيكل· والحال الآن العراق هي هانوي العرب وأن القاهرة هي سايفون·· وأترك للأستاذ هيكل أن يحدد من هو ثيو ومن هو هوشمنه وجياب؟!
وليس غريبا هذا على الأستاذ هيكل الذي يكتب التاريخ المزيف لمصر الحديثة في الجزيرة ويجعل فيها ومن شخصه مركز العالم! فقد قال ذات مرة بأن الحرب العالمية الثانية دارت معاركها الحاسمة في مصر؟! والجميع يعرف بأن المعارك الحاسمة جرت في شمال افريقيا وليس في القاهرة·· وأن إيزنهاور الذي جعل منه الأستاذ هيكل ندا لجمال عبد الناصر، قد أقام في نزل سان جورج بعاصمة الجزائر وليس بالقاهرة·· وأشهد أن الأستاذ قد تم إسكانه في نفس الجناح الذي سكن فيه إيزنهاور في بداية الأربعينيات·· وأتذكر أنني رتبت لهيكل لقاء مع بعض الصحفيين الشباب الجزائريين في جوان 1975 ومنهم على ما أذكر الزملاء حسن رويبح ومحمد زهاني ومحمد عباس وتم اللقاء في حديقة فندق سان جورج وأتذكر أن الأستاذ هيكل أعجب بحديقة الفندق·· وعلق بأن ذوق إيزنهاور في اختيار المكان الذي يسكنه كان رفيعا! ومع ذلك لم يذكر الأستاذ هيكل حين الحديث عن إيزنهاور أنه مرّ بعاصمة الجزائر! والكل يعرف بأن جزءا من خطة الإنزال في النورمندي وفي صقلية وضعت في فندق الجزائر وأن معركة العالمين جرت في صحراء ليبيا وليس في مصر·· وأن شمال إفريقيا كان دائما المحرك وأن مصر هي الإكسسوار والفرش··كان هذا خلال الحرب العالمية الثانية وتكرس خلال حرب التحرير·· ولا يزال مستمرا إلى اليوم·· حتى ثورة الجزائر التي يقول هيكل أنه كان لناصر يد فيها قد انطلقت في ماي 1945 عندما كان ناصر مجرد ضابط صغير في الكلية الحربية؟!

نقلا عن صحيفة الخبر الجزائرية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ouyoun.yoo7.com
سلسبيلة
عضو فعال
عضو فعال
سلسبيلة


عدد الرسائل : 2116
انثى
العمر : 38
البلد : الجزائر الحبيبة
العذراء

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالإثنين يوليو 14, 2008 5:02 pm

السيفان وملح الارض / بقلم الاسير باسم الخندقي

يزدحم العالم اليوم بالمآسي ....ويترنخ من شدة الازمات التي باتت تهدد امنه ومستقبله والسؤال الآن :هل سيسقط هذا العالم ؟
يتخبط الانسان ولا يعلم من اين يبدأ في فهم وادراك ما يجري من حوله ...فهل يبدأ من اطفال القاره السوداء الذين يموتون في كل لحظة جياعاً من شدة الاهمال والنسيان ؟
أم يبدأ من العراق الجريح المحتل من قبل الشيطان الأمريكي الذي زرع بذور الفتنة بين أهله مما جعلهم يقتلون بعضهم بعضاً ؟تاركين ثروات بلادهم لذلك المحتل بنهبها وسرقتها ؟
أم يبدأ من الذين ينفقون 160 مليار دولار سنوياً على مستحضرات التجميل ؟ ام من الاحتباس الحراري مشكلة هذا الزمان الاخلاقية ؟!
انه عالم تجميلي ليس اكثر !
في زمن انت فيه ترزح تحت الاحتلال بصحبة شعب لم يعرف يوماً الاستقرار ولا الاستقلال ولا حتى فرح العيد ... شعب اصبح يعيش فوق ارض مختلة ومحتلة في نفس الوقت ... فالبرغم مما يعانيه شعبك من بطش الاحتلال والتشريد والمعاناة والالم ها هو اليوم يقف فوق ركام وحدته الوطنية ... فكيف اذن تنظر الى هذا العالم بعينين تحترقان وشعبك يحترق ؟
في دورانك الازلي حول ذاتك يتشبث سؤال :ما الذي يحدث ؟... فتتوقف لبرهة عن الدوران وتجلس على عتبة ماض كان يعنيك .. ماض بمقدار ما كان تنويرياً كان ممزقاً داخلياً ... ففي عهد ملوك الطوائف الثماني الذين حكموا الاندلس لفترة من الضياع منذ تاريخ مشرق ... كانت وحدتهم الداخلية ممزقة بمقدار ما كانت حياتهم مليئة بالترف واللهو والتركيز على كماليات الحياة .... وفي ظل واقعهم الهش هذا اصبحوا صيداً سهلاً لألفونسو ملك قشتالة .. الذي كان ينتظر اللحظة والفرصة المناسبة لطردهم من الاندلس فاجتمع الملوك لدى كبيرهم المعتمد بن عبَاد لكي يجدوا مخرجاً ينجيهم من الهزيمة والطرد ...فنصحهم المعتمد بضرورة طلب الدعم والمساندة من المرابطين في الغرب العربي ...فردوا عليه قائلين :(السيفان لا يجتمعان في غمد واحد) فأجابهم بمقولةً خالدة: (رعي الجمال خيرٌ من رعي الخنازير(
.. فاستجابوا لنصيحته .وأرسلوا وفدا إلى المرابطين لطلب الإغاثة والمساعدة ولم يتردد المرابطون في تلبية نداء الاستغاثة الذي تجسَد في النصر على القشتاليين ودرء المخاطر عن الاندلس واهلها ... ثم عادوا من حيث اتوا دون اية مطامع او غنائم ...ولكن ملوك الطوائف لم يأخذوا العبر والدروس مما اصابهم ...فعادوا الى سابق عهدهم من ترف واسراف وتفكك داخلي ...حتى جاء المرابطون مرة اخرى ليخلصوا الاندلس من القشتاليين وملوك الطوائف معاً...
انها مرحلة تاريخية تحاول ان تقارنها وتقاربها الى واقعك العربي والفلسطيني فلا تجد سوى : من هم ملوك طوائفنا ! من هم المرابطين ! وكم هي فلسطين تشبه الاندلس في جمالها وخلودها الحزين ! تعود مجدداً الى الدوران ...تشاهد بسرعة همجية المجاعات والحروب والكوارث الطبيعية والملفات السياسية والاقتصادية الساخنة ... فتقع من هول ما رايت على سؤال يصرخ قائلاً : هل هذة الحضارة المثالية الموعودة التي يسيطر فيها الانسان على ظروفه الطبيعية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية ؟ هل هذا هو مصير الانسان النهائي ؟
تكتشف بهذين السؤالين انك تمثل اتجاها ًلاعقلاني وتشاؤمي عن هذة الحياة وحضارة انسانها ولكنك ترفض هذا الاتهام وتطالب ذاتك بالصمود والصبر قليلا فبعد قليل قد تكون هناك حضارة انسانية هدفها الاول والاخير هو الإنسان ... حضارة تجسد من خلالها مقولة ونصيحة (غوته ) : ( إن الانسانية الخالصة وحدها القادرة على التكفير عن جميع ذنوب البشر(
تبدأ في الابتسام فالضحك فالبكاء ....
تبتسم لان شعبك الذي يرزح تحت الإحتلال لايمثل سوى تكاد تكون لاتذكر من مآسي هذه الأرض وعلى مشارف البكاء تضحك من سيفين يذريان ملح أرضك في البعيد حيث اخوتك في مبارزة الضياع يسكفون دماءا محرمة ....
إذن المشكلة لا تمكن في كيفية إيجاد سلام ووئام بين بني الإنسان ... إنها تكمن في عالم كامل لايعرف سوى محاولة واحدة صاغها أحد علمائه :
)نعرف من نحن عندما نعرف نحن ضد من ) .. ولكن الشعوب ليست بحاجة لمعرفة هويتها من خلال أعدائها فنحن جميعا نتدفأ بذات الشمس ونفترش ذات الارض تبدأ في التلاشي عندما تجد أن المعايير الأخلاقية التي بني عليها المجمتع الإنساني تنتهك في كل لحظة وتجد إيضا أنه من بين ركام الأخلاق تنبث الإنتهازية و الفردية الأنانية و السلام من فوهة المدفع و أبناء دمك ووطنك يصرعون بعضهم بعضا .
انتهكت المعايير الأخلاقية فماذا تفعل يا إنسان ؟
على كاهلك الحزين ثقل الارض والسماء معا .... تجر جسدك المثخن بالجراح إلى لحظة تواطئت معك على سبيل الشفقة .... في لحظتك هذه يتبادر إلى ذهنك التعيس مقولة ماركس المشهورة التي أينما تذهب تلاحقك كتهمة ....
)الدين أفيون الشعوب) .. ولكن لم لا يكون الدين فيتامين الضعفاء كما قال احدهم .... وكما كان يقصد ماركس اصلا .... ؟
تقف .... فهذا ليس وقت ماركس .. لربما وقته لم يحن بعد ؟
تعيد كرة الدوران السريع .. و ..
يبدو أن أكثر أشكال الإستعمار أناقة اليوم هي العولمة .. كم هي انيقة وجميلة و مغرية .... فبني العولمة لايريدون سوى مصلحتك من ظلال تثقيف مجتمعك و توعيته و تنميته لكي يصبح عاشقا مخلصا لها .... و الحضارة اليوم .... أقصد حضارة عالمنا هذا تسعى نحو هدف واحد ليس أكثر .... ألا وهو كيفية إستلاب وعي الإنسان أينما كان لكي يصبح إنساننا عبدا مخلصا لآلته بعد أن كان في قديم العهد والزمان عبدا لغريزته الحيوانية والوحشية ....
فكم انت بحاجة الأن لثقافتك وهويتك و تراثك ..
إن خيبة الامل من كل شيئ من حولك هي وقود تغييرك وتقدمك من خلال التفاهم معها بصورة إيجابية تتوافق مع إحتياجاتك وتكفل أنسنتك بعد أن جردوك من إنسانيتك بإسم الإنسانية…
ربما تكون خيبة الأمل هذه هي الوحيدة التي تقودك إلى البحث العقلاني و الموضوعي التقدمي عن هويتك .... مبتعدا كل البعد عن تطرف لايشي بإستقرارك ....تطرف قد يحيكه لك أصحاب حرب تشن ضد إنسانيتك .... لتبصح عدوا واهنا تتلاءم فقط وخط الانتاج المتصاعد لمصانع الاسلحة الفتاكة .
تخف حدة دورانك عند حقوله لأحد العلماء الفرنسيين يقول فيها :
(القرن الحادي والعشرون إما يكون دينيا أو لايكون)
وأنت تقول : إما نكون إنسانيين أو لانكون .. وماركس اليوم عليه أن يكون حليق الذقن لكي يقنع آدم سميث التخلي عن تدمير العالم .
أخيرا .... تسقط فوق أرضك وهل لديك مهدا سواها ؟


ترى أشجار الزيتون المباركة مفعمة بالدماء من شدة الإلتباس الوطني و الجنون الإحتلالي .... فلا تملك سوى إغماض عينيك متكئا على جذع زيتونة عتيقة هامسا :
يعيش فينا الوطن ونموت نحن فيه .


الأسير: باسم الخندقجي
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني
سجن جلبوع المركزي
الحكم مدى الحياة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ouyoun.yoo7.com
سلسبيلة
عضو فعال
عضو فعال
سلسبيلة


عدد الرسائل : 2116
انثى
العمر : 38
البلد : الجزائر الحبيبة
العذراء

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالإثنين يوليو 14, 2008 5:15 pm

كبرياء الشاعر
دوّنه: عبدالله السالم
التصنيف : رؤى أدبية 247



للشاعر نفس متعالية بعض الشيء ، فهو يحب أن يكون مستقلا ومتميزا عن البقية ، ويحب أن يُسعى إليه لشعره لا أن يسعى للناس .

لذلك لا يتواصل أكثر الشعراء مع الإعلام كما يجب .

وكبرياء الشاعر ناتج عن شعوره بالهبة التي منحه الله إياها دون البقية ، وهذا ليس خاصا بالشاعر فقط ، بل كل الموهوبين يشعرون بهذا التميز وينتظرون من الآخرين أن يميزوهم بما لديهم ، وأن يتلقوا هذه الهبة النادرة بشيء من الاحتفاء والاحتفال .

ومن هذا أعرف العديد من الشعراء يجدون صعوبة في التواصل مع محرري الصفحات والمجلات الشعرية والبرامج التلفزيونية لنفس السبب ، وهو أنه من المفترض أن تسعى إليه المطبوعة أو القناة وهي ممنونة أيضا ، لتنشر قصائده بطريقة تميزه عن البقية .

وقد اكتشف بعض الإعلاميين الناجحين هذه النقطة لدى الشعراء وفهموها باكرا ، لذا نجحوا في تميز منابرهم الإعلامية التي يعملون عليها ، وفلسفة هذه المسألة بسيطة ، إذا قلنا أن الشاعر يشعر باستعلاء فطري ، لذا فإنه يظل في برجه ينتظر المعجبين يتمسحون ويتبركون بأنواره ، فإن الإعلامي عكس هذا تماما ، الإعلامي مقتنص للمعلومة ، يبحث عنها ويذهب إليها ويصطادها في أعمق الأعماق ، وهنا تلتقي الطبيعتان .

والملاحظ أن الكثير من الشعراء لم يشاركوا في برنامج شاعر المليون ، خوفا منهم من أن يجمعوا مع البقية في سلة واحدة مما يذيب شعورهم بالتميز والاختلاف حتى الواهم منهم ، أو خوفا من أن تساء قراءتهم من قبل الجمهور والحكام ، لذا يفضلون البقاء في عزلتهم على المشاركة .

وكبرياء الشاعر أمر ملموس منذ القدم ، فالمتنبي الذي يعتبر شيخ الشعراء كان مصابا بالكبرياء إلى درجة المرض ، ومن ذلك أشعاره الطافحة بالعجب بالنفس وتضخم الذات ، حتى وصل به الأمر مرة أن يمدح أمه بكونه ولدها ، فقال :

فلو لم تكوني بنت أكرم والدٍ ………… لكان أباك الضخم كونكِ لي أما

وغير هذا من النرجسية الزائدة المبثوثة في قصائد شيخ الشعراء .

وقد يضاف لمسألة كبرياء الشاعر مسائل أخرى يتصف بها الشعراء مما يقوي لديه الإصرار على البقاء في الظل قدر المستطاع .

ومن تلك المسائل صفة القلق والارتياب المحتقنتين لدى الشاعر ، فهو دائم القلق والريبة من أشياء كثيرة ، ومنها مسألة الظهور والتعاطي مع الإعلام ، إلا أن يصادف وجود إعلامي ماهر في التعامل مع الشعراء ، يغوي هذا الشاعر بطرقه الخاصة للظهور .

ومن قلق الشعراء قول أبي الطيب :

على قلق كأن الريح تحتي ………. تسيرني يمينا أو شمالا

كما يتصف الشاعر أيضا بالخجل ، ولا أدري لماذا ، بالرغم من كونه ينشئ الكلام بطريقة لا يستطيعها البقية إلا أنه يشعر بالتلعثم في داخله ، وكان أحمد شوقي أكثر الأحيان يصاب بالانغلاق عندما يريد أن يلقي قصيدته على الجموع المستمعة ، فيوكل من يلقيها عنه وهو بجانبه .

ورغم هذا فإن هناك نماذج من الشعراء تشذ بسلاطتها وقدرتها على تجاوز عقدة الخجل الدفينة .

والكبرياء لدى الشاعر قد تأخذ أشكالا سيئة ، خصوصا لدى الشعراء أنصاف المتعلمين ، ومن ذلك نلاحظ كثيرا في حوارات بعض الشعراء إلغاءهم للشعراء الآخرين كأن يسأل الشاعر عن شاعر آخر فيجيب : لا أعرف هذا الاسم !

أو التهجم على الآخرين بالشعر أو الكلام ، أو التعامل مع الناس بتكبر واستعلاء .

والوعي والتعليم والاطلاع يجعل الشاعر يدرك بدايةً أنه مصاب طبيعيا ببذرة الكبرياء ومن ثم يمكنه من تهذيبها وتشذيبها ، فيعتدل في منطقة وسط فوق الاعتداد العادي بالنفس ودون التكبر .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ouyoun.yoo7.com
سلسبيلة
عضو فعال
عضو فعال
سلسبيلة


عدد الرسائل : 2116
انثى
العمر : 38
البلد : الجزائر الحبيبة
العذراء

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالثلاثاء يوليو 15, 2008 7:33 pm

أذكياء و لكن ..

الدكتور أحمد شراب
أخصائي الأطفال والعلوم الوراثية
المملكة العربية السعودية - جدة


قال لي أحد الأصدقاء مرة و أنا أساله عن حال شَعره الذي أصبح شبه غائب عن الأحداث في فروة رأسه .. قال ساخراً : إما الشعر .. و إما الذكاء ! (مع إجلالي و تقديري لكل من يشكون من ارتفاع منسوب الشعر و ارتفاع منسوب الذكاء في الوقت نفسه) ، و على الرغم من أنه قالها دون أن يلقي لها بالاً إلا أنني أعتقد أن ثمة مغزى يمكن أن أستشفه من وراء حديثه ، و هو في جزء منه ذو دلالة منطقية معروفة لدى الجميع .. فكل ميزة تحصل عليها في هذه الحياة لا بد أن تدفع في مقابلها ضريبة ما . إن الذكاء هو أحد المهارات العقلية و الدماغية العليا في آن معاً ، و قد ميزت بين الصفتين العقلية و الدماغية بسبب أن الذكاء هو ملكة من الملكات عند البشر ، و غير البشر كذلك ، ممن ليس لهم عقول تعي ، من الحيوانات ..! بل إن بعض الأشجار و النباتات تملك حداً معيناً من الذكاء ، فما بالك بالإنسان الذي مهما بلغت درجة تخلفه العقلي في بعض الأمراض مثل المنغوليا ، فإنه من الممكن أن يتمتع بمعدل ذكاء يصل في بعض الأحيان إلى 40-71 (IQ = 40-71) ، و هذا يعني أن الطفل المنغولي في هذه الحالة يمكن أن يكون أذكى من نسبة من الأطفال في مثل سنه في المجتمع . و ربما يكون الإنسان ، في رأي بعض العلماء ، قد دَفع نتيجة لذكائه الدماغي و تطوره العقلي الكثير من الضرائب خلال فترة مكوثه النهائية في الأرض منذ حوالي 15 ألف عام ماضية ، من بينها أنه تخلى عن القوة العضلية الكبيرة التي تتمتع بها الكثير من المخلوقات ، فالإنسان بحد ذاته مخلوق ضعيف و ضئيل قياساً بمن استعمر الأرض في الأزمان السحيقة و للكثير من المخلوقات في الزمن الحالي ، و ربما اضطر للتخلي عن السرعة الهائلة في الركض فيما لو كان يمشي على أربع ، فتحمل مشاكل آلام الظهر التي نجمت عن امتشاق قامته و وقوفه بالشكل الذي يميزه عن سائر المخلوقات ، و ربما تخلى عن الطيران إذ زاد حجم مخه كثيراً قياساً بحجم المخيخ على عكس ما هو حاصل مع الكائنات التي تطير ، و ربما تخلى عن التمائل بين نصفي كرتيه المخيتين إذ نشأ في أحدهما مركز الكلام .. الأمر الذي ألغى هذا التمائل و جعل من أحد النصفين مسؤولاً عن الحساب و المنطق .. و هو النصف الذي يوجد فيه مركز الكلام عادة ، و الآخر مسؤولاً عن الإبداع و الخيال و الفنون و الملكات الأخرى . قلت لصديقي : إذا كنت تستأنس في نفسك كل هذا الذكاء قياساً بما لا أرى على رأسك من شعر .. فلماذا لا تنتسب إلى نادي مينسا الدولي للعباقرة ؟ فهذا النادي يضم الأشخاص الهائلي الذكاء و المفرطي العبقرية ، أي زملاءك و نظراءك ، و من جميع أنحاء العالم . فقال لي : لا أريد أن أعير عقلي أياًَ من الاهتمامات التي يمكن أن تشغل فيه حيزاً غير مفيد أو حتى مضر ! فالعقل مثل دلو ماء.. إما أن تملأه بالماء العذب النقي الطاهر ، أو بالماء العكر الآسن .. و كما هو واضح .. لا يمكن لكليهما أن يجتمعا في إناء واحد ! . فتأملت فيه ملياً و بدأت اعتقد بصحة نظريته حول الشعر و معدل الذكاء ، ثم تابع : كما أنني أريد أن أنمو و أكبر بشكل طبيعي و بين أقراني و كما أنا ، و لا أريد أن يعاملني الناس على أنني شيء ما خارج عن المألوف ! . فسألته مترقباً : و هل الذكاء الشديد .. خارج عن المألوف ؟ . فأجاب على الفور : أكيد ! كم يبلغ معدل ذكاء الناس بشكل طبيعي في مجتمع ما ؟ فقلت : 75-110 % ، فقال : و كم يبلغ معدل ذكاء المنتسبين لهذا النادي ؟ فقلت : وسطياً بين 150 و 185% حسب العمر ، علماً أن بعضهم وصل معدل ذكائه إلى 220%. فقال : و هل ترى هؤلاء طبيعيين .. و غير خارجين عن المألوف ؟! فقلت : حسب وجهة نظرك هذه .. هم خارجون عن المألوف ، و لكن للأعلى و ليس للأسفل ! فقال متهكماً : ألستم يا معشر الأطباء تعتبرون " الزايد أخو الناقص " ..!؟ أليس الطفل الذي يولد بغياب إحدى كليتيه يعامل من حيث الاعتبار كالطفل الذي يولد بأربع كلى !؟ ألا تعالجون الطفل الشديد النحافة و الشديد البدانة .. !؟ ألا تعدون كلاً من قصير القامة و العملاق بحاجة إلى تدخل و استشارة طبية ..!؟ فقلت له : إذاً أنت تعتبر العبقرية ضرباً من ضروب التخلف العقلي !؟ فقال : إن المعلن عن عبقريته متخلف ! . فتذكرت عندها الطفلة السنغافورية سيليستين تشوا التي أصبحت من أصغر أعضاء النادي بعمر سبع سنوات ، و ذلك بعد أن تكتم أبواها عن نبأ عبقريتها لثلاث سنين ! ربما خوفاً من الحسد ..!؟ لا أدري ، و إن أصغر أعضاء النادي هو الطفل البريطاني بن وودز الذي أصبح عضواً في النادي بعمر سنتين و ثمانية أشهر و ذلك في عام 1996 ، و ربما كونه لم يطلب انضمامه للنادي بل أبواه اللذان فعلا ذلك .. ربما يثبت ذلك عبقريته بالفعل ..! إنهم أطفال عاديون و طبيعيون ، بيد أنهم يعانون قليلاً من ارتفاع معدلات ذكائهم الأمر الذي .. فقاطعني صديقي قائلاً : .. الأمر الذي يجعل من الأسهل عليهم تجمعهم في ناد يضمهم و يضم أمثالهم من العباقرة و الأذكياء ، و لا أنبئك عن مثل هذه التجمعات .. التي ربما تنوء بأصحابها .. فقد يتكلم الطفل منهم قبل أن تبزغ أسنانه ، و قد يتمكن من استعمال الحاسوب قبل أن يحبو ، و قد يذهب إلى المدرسة .. فيما أقرانه يتعلمون نفخ شمعة عيد ميلادهم الأول ، و ربما يخترع هؤلاء الأطفال لعبة عوضاً عن أن يلعبوا بها ، و قد يتسلون بالهندسة و الجبر و الكيمياء ، و ربما يقضون السهرة و هم يحاولون أن يكتشفوا لغز النظرية النسبية العامة و مفارقات آينشتين و سقوط العنصر رقم 118 من الجدول الدوري ..! . فقلت له : كلا .. كل ما في الأمر أن أحدهم يكون أكبر سناً في ذكائه من عمره ، و كل شيء نسبي !.. على الرغم من إمكانية أن يكون من بينهم من هو في مثل مواصفات من ذكرت .. إلا أنهم عادة ما يصبحون أناساً عاديين نوعاً ما من حيث معدلات الذكاء لدى دخولهم العشرينات من العمر ، أو انهم أذكى بقليل ، بيد أنهم يحتفظون بعضويتهم في النادي على الرغم من ذلك ، فوالد الطفلة سيلستين عضو في النادي ، و أخوها الذي يكبرها عضو كذلك منذ أن كان صبياً في الخامسة من عمره ! . فسألني : و هل يمكن أن يكون الأمر ذا علاقة بالوراثة ؟ فقلت له : يمكنك اعتبار ذلك ! فقال : و لماذا تنخفض معدلات ذكائهم مع تقدمهم في العمر ؟ فقلت له : كلامك صحيح إلى حد معين ، فالمتعارف عليه أن درجة الذكاء و حسب المصطلح الطبي تكون على أشدها عند المرء ما بين عمري 15 و 21 عاماً ، و لا شك أن الطفل يكون أكثر قدرة على الملاحظة و الاستنتاج و الانتباه الدقيق من البالغين ، و هذا عند جميع الأطفال الأصحاء عموماً ، كما أن براءة الطفل و صفاءه تلعب دوراً في ذكائه ، فهو يسأل الأسئلة بغير انقطاع .. و لا يعرف معنى للحدود في ذلك ، الأمر الذي يساهم في تطوير قدراته المعرفية ، و تحفيزه على متابعة أسلوبه و منهجه في البحث ، فالطفل منذ أن ينهي شهره الأول يبدأ بالتحول إلى مخلوق مفعم بالفضول و باحث بدون كلل أو ملل عن أي شيء ، و مستكشف بلا هوادة لمحيطه ، غير آبه بالأخطار ، و غير متوقع لسوء العواقب أحياناً ، و قد أجري مسح استقصائي على مفهوم الإبداع عند الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية ، و هو مفهوم يمكن ربطه إلى حد ما بالذكاء ، و وفق معايير معينة ، تبين أن ما لا يقل عن 90% من الأطفال دون سن الخامسة هم حقاً مبدعون ..! و لكن بعد ذلك مباشرة .. أي في الفئة العمرية من خمسة سنوات و حتى عشرة سنوات .. تنخفض هذه النسبة إلى 10% فقط !! لتتابع انخفاضها إلى حوالي الخمسة بالمئة في الثلاثينات من العمر .. و أقل من 1% فقط من الأشخاص في الأربعينات من العمر هم حقاً مبدعون ..! و قد تضحك إن علمت أن الشيء الوحيد الذي يطرأ على جميع الأطفال في عمر الخمسة سنوات و يفسر بشكل معقول انخفاض الملكات الإبداعية لديهم هو دخولهم المدرسة .. حيث يخضع نظام تفكيرهم و عقليتهم المبدعة للانهيار بالاختلاط مع أقرانهم ، ناهيك عن دور محتمل في المدرسة و المدرسين و المناهج أحياناً في الحد من الإبداع الفكري و الخيال الخصب لدى الطفل .. هذا إضافة إلى اصطدامهم بالأعراف الاجتماعية و ضرورة تأديبهم بالشكل الذي يمكن أن يترافق بالتأثير على إبداعاتهم ، و على الرغم من كل ذلك .. فكلما كنت طفلاً .. كلما كنت مبدعاً و خلاقاً ! . هذا من حيث العمر ..! . فقال الصديق : و هل هناك حيث آخر ..؟ . فقلت له : نعم ! فمن المعروف أن الصلع و الشعر الخفيف من صفات الذكورة ، أو لنقل إنها ضريبة الذكورة ، إن كانت الذكورة شيئاً تدفع له ضريبة ! و إن بعض الأمراض التي تصيب الإناث و تترافق مع صفات ذكورية .. تترافق أيضاً بنوع من الصلع يعرف بالصلع الجبهي ، و ربما تكون المعدلات المرتفعة من الهرمونات الذكرية هي السبب في ظهور الصلع عموماً إضافة إلى الخلفية العائلية و الإرثية . فقال صديقي : أي أنه كلما كنت أصلعاً .. كلما كنت ذكراً ..! . فقلت له : ربما يكون هذا صحيحاً من ناحية مجردة و لفظية فقط ! ، و من المعروف أن حجم الدماغ عند الذكر و وزنه أكبر من مثيله لدى الأنثى ، و هذا لا يعني الاختلاف في معدلات الذكاء بين الجنسين على الرغم من أن الجنس اللطيف يتميز ، إضافة إلى معدلات الذكاء لديه و المماثلة للمدلات عند الجنس الغليظ ، بأنه ذو قدرة أكبر على الصبر و المثابرة و لا سيما فيما يتعلق بتحصيل العلم ، و ذلك إن هيأت الفرصة لبناته و تمت رعايتهن بشكل مناسب ، و الخلاصة .. أنه إذا كان شعرك أخف .. فأنت ذكر أكثر .. و بالتالي لديك دماغ أكبر .. و فرصة بأن تكون أكثر ذكاءً . فانفرجت أسارير صديقنا و بادر بالقول : إذاً .. لم تكن نظريتي خاطئة في النهاية ..! . فقلت له ممازحاً : إنك ذكي بالفطرة ..! فقال لي و عليه علائم الجدية : إذاً قم و عجّل ! فقد نسيت مفتاحي هذا على هذه الطاولة ، سأسارع إلى البيت قبل أن تغادر زوجتي ..!

مقالة طبية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ouyoun.yoo7.com
عمر منير
المدير العام
عمر منير


عدد الرسائل : 6896
ذكر
العمر : 47
البلد : حجرتي
الثور

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالثلاثاء يوليو 15, 2008 7:58 pm

لسلام عليكم ورحمة الله
مساء النور سلسبيلة
آسف لغيابي المفاجيء
وعكة صحية وستزول إن شاء الله
أشكرك على تنوير الصفحة
لاتيأسي سأعود ونعمل سويا
موفقة فاضلتي .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
سلسبيلة
عضو فعال
عضو فعال
سلسبيلة


عدد الرسائل : 2116
انثى
العمر : 38
البلد : الجزائر الحبيبة
العذراء

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالثلاثاء يوليو 15, 2008 8:12 pm

مساء الخير عمر
تسرني عودتك
اتمنى لك الشفاء العاجل
ولا تكترث بي تعودت على البقاء وحدي هنا
ورغم ذلك انا استمتع فلا تشغل بالك
المهم ان تكون انت بخير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ouyoun.yoo7.com
سلسبيلة
عضو فعال
عضو فعال
سلسبيلة


عدد الرسائل : 2116
انثى
العمر : 38
البلد : الجزائر الحبيبة
العذراء

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأربعاء يوليو 16, 2008 12:15 pm

مقال تاريخي

اللهجات العامية وخطرها على العربية

بقلم: فضل الله ممتاز


اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، ولغة العقيدة الصحيحة، وهي لغة فكر وأخلاق للأمة الإسلامية، وهي أقدر اللغات على الأداء وأقواها، وقد اختارها الله سبحانه لهذا الدين لما فيها من طابع في التعبير والبيان والمرونة والاتساع، بحيث استطاعت أن تحمل الرسالة السماوية، وأن تؤديها للناس في أرجاء المعمورة.

وقد كان فضل الله تعالى عظيماً على العرب حينما أنزل آخر كتبه بلغتهم، فصارت العربية لغة دين وحضارة وكتب لها القبول والرواج بحيث بدأ يتنافس في القيام لخدمتها نشراً وتعلماً وتأليفاً العجم قبل العرب، وقد بذل علماء الأمة عبر القرون جهوداً جبارة في خدمة اللغة العربية وتركوا من بعدهم تراثاً هائلاً يتمثل في آلاف المؤلفات تخدم القرآن الكريم والسنة النبوية في شتى علومها وفنونها، ومن العلماء من كان في الأصل عجماً فقد عرّبه الإسلام حين عرّب لسانه فتكلم وكتب وصنف بلغة القرآن من أمثال الحسن البصري، وابن سيرين وعطاء وسعيد بن حبير، وأبو حنيفة والبخاري، ومسلم، وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وسيبويه وغيرهم من الأئمة الأعلام، وعباقرة الإسلام.

ومن يتصفح كتب التاريخ وعلم الرجال يعرف الصعوبات التي كانت تعترض سبيل أهل العلم وطلاب المعرفة في أيام مضت، من صعوبة التنقل، وبعد في المسافات، وندرة في أدوات الكتابة والنشر، ثم يقارن ذلك بسهولة التنقل والاتصال، ووفرة وسائل الطباعة والنشر، وكثرة أدواتها في العصر الحاضر، ليدرك حتماً مدى أهمية الدور الذي قام به علماء الأمة في ازدهار اللغة العربية وسلامتها من الضعف الذي يطرأ كثيراً على اللغات لظروف اجتماعية وسياسية وثقافية ويهدد أصالتها كما حدثت مع اللغة الفارسية والإنجليزية.

ولكن إزاء هذه الجهود الكبيرة التي بذلها سلف هذه الأمة في سبيل نشر اللغة العربية والحفاظ على قوتها وجمالها، نجد أن هناك تقصيرا واضحاً من قبل أبنائها تجاه لغتهم في العصر الحاضر، وما نراه كواقع يومي من مخاطبة مئات الآلاف من المقيمين غير العرب في الدول العربية بغير العربية أي (باللهجة العامية) وبالألفاظ والكلمات المكررة الدارجة التي ينطق بها أبناء لغة الضاد أثناء تحدثهم مع غير العربي مما لا يمكن إطلاق اللغة عليها من أمثال: «أنت في روح، أنت في شف، خل ول ، أنت ما في معلوم، .. و.. » ، و هذه الظاهرة الخطيرة لا تنحصر في غير المتعلمين وغير المثقفين بل تجد الفئة المتعلمة والمثقفة يستخدمون الأسلوب نفسه في محاوراتهم لغير الناطقين بالعربية ويكون الموقف أكثر إيلاماً عندما تجد أن غير العربي يصر على التحدث بالعربية الفصحى والعربي المتعلم يقابله بالتحدث باللهجة العامية، وتلك المشاهد تتكرر يومياً، ومما يحضرني في هذا الصدد قصة شاب باكستاني وهو «فني الحاسب الآلي» وصل إلى إحدى الدول العربية من فترة وجيزة وقد كان يتحدث بالعربية الفصحى وعندما كنا نسأله عن أمر يجيب قائلاً: «لا أعلم، أنا لا أعرف» والآن قد تراجع بخطوات إلى الوراء فيقول: (أنا ما في معلوم، أنا ما يدري..»

وإذا كان المستشرقون وأعداء الأمة قد عجزوا عن تحطيم العربية والقضاء عليها بكل ما يملكون فلماذا نحن أبناء هذه اللغة الخالدة نقوم بما عجز عنه الآخرون؟.. والله المستعان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ouyoun.yoo7.com
أميرة
المدير التنفيذي
المدير التنفيذي
أميرة


عدد الرسائل : 1483
انثى
العمر : 42
البلد : الجزائر
الجدي

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأربعاء يوليو 16, 2008 6:13 pm

السلام عليكم ورحمة الله
لا أستطيع الآن احضار أوراق رائعة كأوراقكم ولكن سأقدك لكم
عناوين يمكن الروج إليها لتعرفوا بعضا من الأوراق الجزائرية .
اقتح كتب الروائي الجزائري : الطاهر وطار وستتعجب
منها :
الطعنات
ررمانه
الحوات والقصر
عرس أبغل
اللاز .........
وإن شئت أن تعرف القلب الأأنثوي الجزائري فاقرأ مؤلفات الرائعة :
أحلام مستعانمي .
شكرا لكم
تم التصويت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ouyoun.yoo7.com
سلسبيلة
عضو فعال
عضو فعال
سلسبيلة


عدد الرسائل : 2116
انثى
العمر : 38
البلد : الجزائر الحبيبة
العذراء

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأحد يوليو 20, 2008 1:53 am

المرأة في القصة العربية

بقلم: يحيى الصوفي



موضوع أحببت أن أتطرق إليه وتداوله لما له من كبير الأثر والأهمية فيما يتناوله الكاتب من مواضيع في قصصه ومدى تأثير وحضور المرأة فيها سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.

( وأنا هنا لن أخوض بموضوع كتاب القصة من السيدات فهذا شأنا أخر سأتطرق إليه في طرح مستقل. )



فمن منا لم تكن أولى حروفه التي خطها على قصاصة من ورق أو مقعد أو جدار أو جزع شجرة ولم تكن موجهة ومخصصة لفتاة أو امرأة ؟

فرسم منذ أن كان طفلا مع أولى الحروف التي أتقنها مشاعره، ونقل بخطوطه المتعرجة البريئة تلك الكلمة الدافئة الحنونة -التي تعود لفظها وسماعها( ماما )- على صفحات دفتر لتستقر وقد أخذت لها شكلا خاصا بها تكون وسيلته للدلالة عليها ومخاطبتها والتقرب إليها.

وكطفل صغير لم يتقن خطواته بعد يدرك ثمن إتقانه وحفظه وتمرسه في كتابة تلك الحروف الجميلة المعبرة التي تستطيع أن تنقل مشاعره وأحاسيسه بصمت إلى الطرف الآخر دون أن يراه أو يسمعه احد.

فيعطي لتلك الكلمات التي جمعت حروفه القدسية التي تستحقها.

فخلف كل خطوة يتقنها هناك الكثير من المشقة، حتى لتبدو وكأن المسافة التي سيقطعها بين سماعه الكلمة الجميلة التي أحبها وبين إتقانه في كتابتها تشبه تلك المشقة التي حملته على تحمل أحجام الأشياء المهيبة التي تحيط به حتى عودتها إلى طبيعتها مع تقدمه وتصلب عوده.



ومن منا لم يتخذ مما يحيط بنا من نجوم وغيوم وأمطار،... وعصافير وطيور وأشجار،... وكثير من أنواع الفراشات والورود والزهور لنستدل بها عليها فنلبسها من خيالنا أثوابا فضفاضة مليئة بالأنس والألوان وكثير من السحر المشحون بالموسيقى التي تطفق بها قلوبنا فنعطي ومع كل خفقة منها اللحن الذي يليق بها، حبا كان أم كرها،... حزنا أم سعادة،...رهبة أو خوف أو انتصار.!



ومن منا لم تكن المرأة هذا المخلوق الرائع اصل أولى خواطر نخطها ويوميات نكتبها ووسيلتنا لمخاطبة الذات نعود إليها كلما شعرنا بحاجتنا إلى وجودنا قرب من نحب أما كانت أو أخت أو حبيبة أو زوجة أو ابنة، فنخاطبه بكلمات وسطور وفصول لا بداية ولا نهاية لها دون قيود أو شروط فنفرج عما يحتبس في قلوبنا وعقولنا من مشاعر تعجز ألسنتنا عن النطق بها، وتكون ها هنا حرة طليقة تصول وتجول على صفحات من ورق تضمها بحنان وتحرص على حمايتها وإيصال ما بها لمن نريد وفي أي وقت نريد.

فنعود إلي أحضانها الوديعة بعد كل عثرة أو إخفاق لنستمد منها العون والغفران والرضا، ونتلمس السبيل إلى صدرها نستدرك العطف والحنان والأمان بعد كل خوف يصيبنا، ونسترد من عباراتها المشحونة بالفرح بعد كل نجاح لنا ذلك الشعور المليء بنشوة الانتصار والفخر والذي لا يمكن لأي شيء آخر أن يحل مكانه أو يعوضه.



ولهذا فالمرأة حاضرة هنا عند كتاب القصة من الجنسين وقد اتخذت كما أسلفت الأشكال التي نريد أن تظهر بها وتقمصت أنواع من الشخوص والرموز فظهرت واعية ناطقة عند البعض، متخفية ساكنة عند البعض الآخر، تحزن البعض إذا ابتعدت وتمردت ؟ ! وتفرح البعض الآخر إذا حضرت وامتثلت ؟ ! وتغضب الآخرين إذا ما تطلبت وتثير الغيظ إذا ما تدللت وتكبرت، ؟ ! وتصيب المعجبين بها والمتيمين والعاشقين بالجنون أو فقدان المصير إن هي تركتهم بأوهامهم دون تدبير.

فيعمل القصاصون كل حسب تجربته ومحنته على إظهارها المظهر الذي يخدم غرضه، عاكسا بذلك بعض من ثقافته وتربيته وبيئته وتجربته الشخصية.



ولهذا فلقد اتخذت شعاري ( أنا لا استحي أبدا من أن تكون وراء عزيمتي امرأة ووراء كل نجاح قصة حب ) لأنها تعبر بطريقة أو بأخرى عن هذا الدافع الصامت الذي يحركنا دون إذن منا نحو المغامرة والحلم والنجاح حتى إنني تساءلت في قصيدة نثرية تحت عنوان ( لو عاد الزمن بنا ساعة = في الخلق = ) إذا ما كانت حواء هي الأصل من خلق الكون وبان ادم لم يكن إلا وسيلتها وحجتها . وهذه مقاطع منها





لكن ...؟ لله في خلقه شؤون



وآدم حجته عند البشر من دونه لا يكون



ونزعة الحب والكره مسكونة



في لبه وكيانه كأحسن ما يكون



فكيف أن يعتكف بالجنة معها ... أهو مجنون



يتبادلان أناشيد الهوى ... يتسامران



في يوم لانهاية له ... هائمان هكذا بالكون



لا يعرفون لكل أطياب الجنة من طعم



ولا من روائحها وعطرها المكنون



وتلك اللذة يسمعون بها



هي أسم بلا طعم وسر مدفون



بشجرة لم يتذوقون ثمارها



ممنوعة عنهم بشروط العقل والمجون



ومجونه بحواء مرتبط بها



دونها ليس للجنة من طعم ولا لون



تذوق أطياب الجنة وألوانها



ممنوعة عنه دون شجرتها وثمرها المفتون



بعبق تسحره بها ... ووعود توحي بأنها



سبقته إلى المتعة بكل ما فيها من فنون



وبمكر الأنثى اخفت سرها



بأنه لا غيره مفتاح جنتها ... وجواب للظنون



وكطفل وديع استسلم لرغبتها



وتجاهل نصيحة الله خالق الكون



واستأثر بلحظات من لذة



لم يعرف بان الندم بعدها لا يفيد ولا يكون



وتساءل في سره هل هو حقا محبوب الله



أم هي حواء وانه لم يخلق إلا لتكون



وبان الدنيا لم تخلق إلا لها



ولكل ما فيها من حب ... وكره ومجون



وبأنه لم يكن إلا مأثرة في قصة بطلتها حواء



فهي من تنجب دونه وأن هو إلا كحرف النون



في قصيدة يتساءل بها



عن سره ... سر حواء ... سر هذا الكون.

---------------------

يحيى الصوفي / جنيف في 06 /06 /2004
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ouyoun.yoo7.com
سلسبيلة
عضو فعال
عضو فعال
سلسبيلة


عدد الرسائل : 2116
انثى
العمر : 38
البلد : الجزائر الحبيبة
العذراء

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأربعاء أكتوبر 15, 2008 11:20 am

النه

الفُكاهة في مقامات بديع الزمان الهمذاني

موسى بن سليمان السويداء


أول من أنشأ فن المقامات(1) ووضع نواتها بديع الزمان الهمذاني المتوفى سنة ( 398 هـ )(2) كما أن الخليل بن أحمد الفراهيدي أول من وضع علم العروض في صناعة الشعر والشافعي أول من وضع علم أصول الفقه في كتابه المشهور " الرسالة " . ثم تتابع بعد ذلك التأليف في فن المقامات الجديد على الأدب الإسلامي الرفيع وتوسع إلى الغاية . ولكن أبو القاسم الحريري المتوفى سنة ( 515 هـ )(3) في مقاماته الأدبية قد تفوق على بديع الزمان وغيرهُ ممن ألف في هذا الباب وأصبح هو فارس المقامات بدون منازع وإليه يُشار بالبنان . إلاّ أن الأضواء لم تختفي عن مقامات البديع بالكلية فهي لا تزال تزخر بموروث أدبي كبير لا يستهان به بسبب قوة عارضته وغزارة معرفته للغة والشعر الذي يؤهل المتصدي لتأليف في هذا الفن من إجادة الإنشاء وتركيب الكلمة المستحسنة مع السجع المُطرب للسامع .

وفي ظني أن البديع تأخر عن الحريري بسبب أنه لم يُسبق إلى الكتابة في هذا الفن من قبل فلم يستفد ممن تقدمه وهذا معروف عند العلماء الذين يبتدعون الجديد في العلم كما قال ابن الأثير : ( إنَّ مبتدىء الشيء لم يسبق إليه ومبتدع أمراً لم يتقدم فيه عليه فإنه يكون قليلاً ثم يكثر وصغيراً ثم يكبر )(4) فهذا هو الذي أنقص منها وجعلها تقصر عن مقامات الحريري ومع هذا فقد اعترف الحريري بالاستفادة من البديع حيث سار سيره وحذا حذوه في مقامته حتى قال : ( فأشار من إشارتهُ حُكم وطاعتهُ غُنم إلى أن أُنشىء مقامات أتلو فيها تلو البديع وإن لم يُدرك الظالعُ شأو الضليع(5)( إلى أن قال ) هذا مع اعترافي بأن البديع – رحمه الله - سباقُ غايات وصاحب آيات وأن المتصدي بعده لإنشاء مقامة ولو أوتي بلاغة قدامة(6) لا يغترف إلا من فضالتهِ ولا يسري ذلك المسرى إلا بدلالته )(7) وكفى بالحريري على علو كعبه في هذا الفن أن يُثني على البديع هذا الثناء الحسن .

وأما عن أسلوب البديع القصصي في مقاماته فقد رسم في كل قصة شخصيتان رئيسيتان وهميتان . الأول : وهو الراوي للقصة وسماه عيسى بن هشام , والثاني : أبي الفتح الإسكندري الذي يقوم بدور البطل وتدور عليه الأحداث التي غالباً ما تكون في الكُدية ( التسول ) فأنشأ بذلك إحدى وخمسين مقامة سمى كل مقامة على أسم ما تدور عليه القصة .

ومن الجميل الممتع في هذه المقامات - غير السجع الجميل المتناسق والشعر العذب والفصاحة التي تدل على تمكنه من اللغة - الفُكاهة التي لا تفارق كثيراً من مقاماته بحيث جعلت منها صور أدبية متفرقة تبهج القارىء وتزيده من علوم مختلفة ومتنوعة في الأدب الإسلامي الذي يحسن بالمرء المسلم أن يُطالعه ويغترف منه ولاسيما النشء .

والجدير بذكر ومن المهم التنبيه عليه أن مقامات البديع هي كغيرها من كتب الأدب الذي لا يخلو من المخالفات في العقيدة مثل الحلف بغير الله أو ذكر ما هو متصل بكبائر الذنوب كأم الكبائر ( الخمر ) أو المجون والفسق إلى غير ذلك مما لا يسلم منه كتاب في الأدب القديم الذي لم يتحرى مُؤلفوها إلا نقل الأخبار والمُلح والفُكاهة بغض النظر عن الأحكام الشرعية لهذه الأعمال .

وقد اخترنا ما استحسناه للقارئ مما نرجو أن يكون فيه المتعة والفائدة المرجوة فيحدثنا البديع في المقامة ( المضيريَّة ) نقلاً عن محدثه الوهمي عيسى بن هشام أنه كان مع أبو الفتح الإسكندري رجل الفصاحة في البصرة في وليمة وقد قُدم فيها مضيرة - وهي نوع من الطعام يُتخذ من اللحم واللبن الحامض مع التوابل - يصفها بأنها شهية قد أُعدة جيداً تتشوف النفوس إلى أكلها فإذا أبو الفتح يذمها ويشتمها أمام الحضور ويمقت آكلها وينتقص طابخها ! فتبادر للناس في بادئ الأمر أنه يمزح ولكن تبين أنهُ جاداً في ذلك فأبعدت المضيرة والأبصار ترقبها وقد تعلقت القلوب بها إرضاءً له فلما سُؤل عن سبب ثلبها قال : (( دعاني بعض التُجار إلى مضيرة وأنا ببغداد ولزمني ملازمة الغريم والكلب لأصحاب الرقيم(8) إلى أن أجبتهُ إليها وقمنا فجعل طول الطريق يثني على زوجته ويفديها بمهجته(9) ويصف حذقها في صنعتها وتأنقها في طبخها ..)) .

كل هذا من أجل ترغيب أبو الفتح في المضيرة التي تنتظره غير متغافل هذا التاجر عن مدح زوجته في عمل البيت وإعداد الوليمة فيكمل ويقول : (( .. وهي تدور في الدور من التنور إلى القدور ومن القدور إلى التنور تنفث بفيها النار وتدق بيديها الأبزار(10)..)) .

حرصاً منها على إتقان عملها المتعلق بهذا الفن من الطعام وطاعةً لزوجها الذي بينه وبينها علاقة زوجية جيدة بسبب المحبة المتبادلة وصفاء العيش ثم يُكمل : (( .. وأنا أعشقها لأنها تعشقني ومن سعادة المرء أن يُرزق المساعدة من حليلته وأن يسعد بظعينته(11) ولاسيما إذا كانت من طينته وهي أبنة عمِّي لحَّا(12) طينتها طينتي ومدينتها مدينتي وعمومتها عمومتي وأرومتها أرومتي(13) لكنها أوسع مني خُلقاً وأحسن خلقاً .. وصدعني بصفات زوجته حتى انتهينا إلى محلته(14) ثم قال : يا مولاي ترى هذه المحلة ؟ هي أشرف محال بغداد يتنافس الأخيار في نزولها ويتغاير الكبار في حلولها ثم لا يسكنها غير التجار وإنما المرءُ بالجار وداري في السِطة(15) من قلادتها والنقطة من دائرتها كم تقدر يا مولاي أنفق على كل دارٍ منها ؟ قُلهُ تخميناً إن لم تعرفه يقيناً ؟ قلت : الكثير ، فقال : سبحان الله ! ما أكبر هذا الغلط تقول الكثير فقط ؟! وتنفس الصعداء(16) وقال : سبحان من يعلم الأشياء وانتهينا إلى باب داره فقال : هذه داري كم تُقدِّر يا مولاي أنفقت على هذه الطاقة ؟ أنفقت والله عليها فوق الطاقة ووراء الفاقة كيف ترى صنعتها وشكلها ؟ أرأيت بالله مثلها ؟ انظر إلى دقائق صَّنعتها فيها ، وتأمل حُسن تعريجها فكأنما خُطّ بالبركار(17) ..)) .

ومع هذا الهذر عن زوجه وبيته وحيّه وشُباك منزله يتابع هذا التاجر الوصف الدقيق عن بقيت متاعه لضيفه أبو الفتح الذي لم يكن يرغب هذا الأسلوب نوعاً ما في هذه الوليمة ثم يواصل فيقول : (( .. انظر إلى حذق النَّجار في صنعة هذا الباب اتخذه من كم ؟ قل .. ومِنْ أين أعلم ؟ هو ساج من قطعةٍ واحدةٍ لامأروضٌ ولاعفن(18) إذا حُرك أنَّ(19) وإذا نقر طنَّ(20) من اتخذهُ ياسيِّدي ؟ اتخذهُ أبو إسحاق بن محمد البصري وهو والله رجل نظيف الأثواب بصير بصناعة الأبواب خفيف اليد في العمل لله درُّ ذلك الرجل بالله لا استعنت إلا به على مثله وهذه الحلقة تراها اشتريتها في سوق الطرائف من عمران الطرائفي بثلاثة دنانير معزية(21) وكم فيها يا سيدي من الشَّبه؟(22) فيها ستةُ أرطال وهي تدور بلولب في الباب بالله دورها ثمَّ انقرها وأبصرها ..)) .

بلا شك أن هذا التعامل مع الضيف ليس من آداب الضيافة فكان أبو الفتح يتصبّر لعل هذا التاجر يكف عن هذا الكلام الذي لم يُبقي ولم يذر و يتابع أبو الفتح الاسكندري رواية القصة مع هذا التاجر المهذار قائلاً : (( .. ثم قرع الباب ودخلنا الدهليز(23) وقال : عَمَّركِ الله يا دار ولا خربك يا جدار فما أمتن حيطانك وأوثق بُنيانك وأقوى أساسك تأمل بالله معارجها(24) وتبيَّن دواخلها وخوارجها وسلني : كيف حصَّلتها ؟ وكم من حيلةٍ احتلتها حتى عقدتها ؟ .. كان لي جار يُكنى أبا سليمان يسكن هذه المحلَّة وله من المال مالا يسعه الخزن ومن الصامت(25) مالا يحصرهُ الوزن مات وخلف خلفاً أتلفه ..)) .

لم يعلم أبى الفتح أن التاجر قد أشترى هذا البيت بعد قصة طويلة كان في غنى عن سماعها وأولها إتلاف مال الورث من أبن صاحب المنزل الأصلي أبى سليمان في المنكرات والمحرمات ثم الحيلة عليه في شراء الدار منه و يُتابع فيقول : (( .. وأشفقت أن يسوقه قائد الاضطرار إلى بيع الدار فيبيعها في أثناء الضجر أو يجعلها عرضةً للخطر ثم أراها وقد فاتني شراها فأتقطعُ عليها حسرات إلى يوم الممات فعمدتُ إلى أثواب لا تنضُّ تجارتها فحملتها إليه وعرضتها عليه وساومتهُ على أن يشتريها نسيَّةً(26) والمدبرة يحسبُ النَّسيَّة عطية والمختلف(27) يعتدها هدية وسألته وثيقة بأصل المال ففعل وعقدها لي ثم تغافلت عن اقتضائهِ حتى كادت حاشيةُ حاله ترق فأتيتهُ فاقتضيتهُ واستمهلني فأنظرتهُ والتمس غيرها من الثياب فأحضرتهُ وسألته أن يجعل دارهُ رهينة لدي ووثيقةً في يديَّ ففعل ثم درجتهُ بالمعاملات إلى بيعها حتى حصلت لي بجدٍّ صاعدٍ(28) وبخت مساعدٍ وقوة ساعدٍ ورب ساعٍ لقاعدٍ وأنا بحمد الله مجدودٌ وفي مثل هذه الأحوال محمود وحسبك يا مولاي أني كنت منذ ليالٍ نائماً في البيت مع من فيه إذ قُرع علينا الباب فقلت : من الطارق المنتاب ؟ فإذا امرأة معها عقد لآلٍ في جلد ماءٍ ورقة آلٍ(29) تعرضهُ للبيع فأخذتهُ منها إخذة خلسٍ واشتريته بثمنٍ بخسٍ وسيكون له نفع ظاهر وربح وافر بعون الله تعالى وإنما حدثتك بهذا الحديث لتعلم سعادة جدِّي في التجارة والسعادة تنبط الماء من الحجارة الله أكبر ..لا ينبئك أصدق من نفسك ولا أقرب من أمسك اشتريت هذا الحصير من المنادات(30) وقد أخرج من دور آل الفرات وقت المصادرات وزمن الغارات وكنت أطلب مثلهُ منذ زمن الأطولِ فلا أجد والدهر حبلى ليس يدري ما يلد ثم اتفق أني حضرت باب الطاق وهذا يعرض في الأسواق فوزنت فيه كذا وكذا ديناراً تأمل بالله دقته ولينه ولونه فهو عظيم القدر لا يقع مثلهُ إلا في الندر وإن كنت سمعت بأبي عمران الحصري فهو عملهُ وله ابن يخلفهُ الآن في حانوته لا يوجد أعلاق الحصر إلا عنده فبحياتي(31) لا اشتريت الحصر إلا من دكانه فالمؤمن ناصح لإخوانه لاسيما من تحرَّم بخوانه(32) .. ونعود إلى حديث المضيرة فقد حان وقت الظهيرة يا غلام الطست والماء , فقلت : الله أكبر ربما قرب الفرج وسهل المخرج .. وتقدم الغلام فقال : ترى هذا الغلام ؟ إنه رومي الأصل عراقي النشء تقدم يا غلام واحسر عن رأسك وشمر عن ساقك وانض(33) عن ذراعك وفتر عن أسنانك وأقبل وأدبر ففعل الغلام ذلك وقال التاجر : بالله من اشتراه ؟ اشتره والله أبو العباس من النخاس(34) ضع الطست وهات الإبريق .. فوضعه الغلام وأخذه التاجر وقلبهُ وأدار فيه النظر ثم نقرهُ , فقال : إلى هذا الشَّبهِ كأنه جذوة اللهب أو قطعة من الذهب(35) شبه الشام وصنعة العراق ليس من خلقان الأعلاق(36) قد عرف الملوك ودارها تأمل حسنه وسلني متى اشتريتهُ ؟ .. )) .

كان أبو الفتح متضجراً من كلامه فكيف يسأله وهو يريد الخلاص منه ؟! ولكن هذا التاجر يفتح الأبواب ويخترع السؤال والجواب ثم يتابع فيقول : (( .. اشتريته والله عام المجاعة وادخرته لهذه الساعة يا غلام الإبريق .. فقدمه وأخذه التاجر فقلبه ثم قال : أنبوبه(37) منه لا يصلح هذا الإبريق إلا لهذا الطست ولا يصلح هذا الطست إلا مع هذا الدست(38) ولا يحسن هذا الدست إلاَّ في هذا البيت ولا يجمل هذا البيت إلا مع هذا الضيف أرسل الماء يا غلام فقد حان وقت الطعام . بالله ترى هذا الماء ما أصفاهُ أزرق كعين السنور(39) وصافٍ كقضيب البلور؟(40) .. استقي من الفرات واستعمل بعد البيات(41) فجاء كلسان الشمعة في صفاء الدمعة وليس الشَّانُ في الإناء لا يدلك على نظافة أسبابه أصدق من نظافة شرابه وهذا المنديل سلني عن قصته فهو نسيج جرجان وعمل أرجان(42) وقع إلىَّ فاشتريته ..)) .

لقد عرَّف هذا التاجر جميع ما في بيته لأبي الفتح مبتدأً بقصة شرائه للمنزل إلى المنديل الذي يُتخذ في تنشيف الأيدي بعد الغسل ! حتى أصبحت هذه المضيرة بغيضة لأبي الفتح بسبب ما يعانيه من هذا التاجر الذي تبين لاحقاً أن لديه الكثير من الكلام في وصف متاعه وحاجياته وأنه لا يمل ولا يكل من هذه الرعونة في التعامل مع الضيف ثم يُكمل فيقول : (( .. يا غلام الخوان فقد طال الزمان و القصاع فقد طال المصاع(43) والطعام فقد كثر الكلام .. فأتى الغلام بالخوان وقلبه التاجر على المكان ونقره بالبنان وعجمه بالأسنان , وقال : عَمَّرَ الله بغداد فما أجود متاعها وأظرف صُنَّاعها تأمل بالله هذا الخوان وانظر إلى عرض متنه وخفة وزنه وصلابة عوده وحسن شكله , فقلت : هذا الشكل فمتى الأكل ؟! فقال : الآن عَجِّل يا غلام الطعام .. لكن الخوان قوائمه منه , قال أبو الفتح الإسكندري : فجاشت نفسي(44) وقلت : قد بقي الخبز وآلاتهُ والخبز وصفاته والحنطة من أين أُشتريت أصلاً وكيف اكترى لها حملاً وفي أي رحى طحن وإجَّانةٍ(45) عُجن وأي تنور سُجر وخبازٍ استأجر وبقي الحطب من أين أحتُطب ومتى جُلب وكيف صُفف حتى جُفف وحُبس حتى يبس وبقي الخباز ووصفه والتلميذ ونعتهُ والدقيق ومدحه والخمير وشرحه والملح وملاحته وبقيت السكرجات(46) من أتخذها وكيف انتقذها ومن استعملها ومن عملها والخل وكيف انتقي عنبه أو اشتري رطبه وكيف صهرجت معصرته واستخلص لبه وكيف قير حبه وكم يُساوي دنه(47) وبقي البقال كيف احتيل له حتى قطف وفي أي مبقلة رصف وكيف تؤنق حتى نظف وبقيت المضيرة كيف اشتري لحمها ووفي شحمها ونصبت قدرها وأُججت نارها ودقت أزارها حتى أُجيد طبخها وعقد مرقها !! وهذا خطب يطم(48) وأمرٌ لا يتم فقمت , فقال : أين تريدُ ؟ فقلت : حاجةً أقضيها فقال : يا مولاي تريد كنيفاً(49) يزري بربيعي الأمير وخريفي(50) الوزير قد جصص أعلاه وصهرج أسفله وسطح سقفه وفرشت بالمرمر أرضه يزل عن حائطه الذر فلا يعلق ويمشي على أرضه الذباب فيزلق عليه باب غيرانه(51) من خليط ساج وعاج مزدوجين أحسن ازدواجٍ يتمنى الضيف أن يأكل فيه ؟! فقلت : كُل أنت من هذا الجراب لم يكن الكنيف في الحساب .. وخرجت نحو الباب وأسرعتُ في الذهاب وجعلت أعدو وهو يتبعني ويصيح : يا أبا الفتح المضيرة .. وظن الصبيان أن المضيرة لقب لي ! فصاحوا صياحه فرميت أحداهم بحجر من فرط الضجر فلقي رجل الحجر بعمامته فغاص في هامته فأخذت من النعال بما قدم وحدث ومن الصفع بما طاب وخبث وحشرت إلى الحبس فأقمتُ عامين في ذلك النحس فنذرتُ أن لا آكل مضيرة ما عشت فهل أنا في ذا يالهمذان ظالم ؟ قال عيسى بن هشام : فقبلنا عذره ونذرنا نذره وقلنا قديماً جنت المضيرة على الأحرار وقدمت الأراذل على الأخيار ))(52) .

لقد كان أبو الفتح معذوراً في موقفه من هذه المضيرة التي أخرجته إلى هذا الحد من الغضب بحيث حمل حجراً ورمى به بعض الأولاد في الطريق الذين كانوا ينادونه بـ" مظيرة " - يظنون أنها لقب له ! – فما كان إلا أن أصابت رأس أحد المآره فكادت أن تقتله فكان عقابه السجن لمدة عامين .


عدل سابقا من قبل سلسبيلة في الأربعاء أكتوبر 15, 2008 11:29 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ouyoun.yoo7.com
سلسبيلة
عضو فعال
عضو فعال
سلسبيلة


عدد الرسائل : 2116
انثى
العمر : 38
البلد : الجزائر الحبيبة
العذراء

أوراق خضراء: مقالات مُختارة Empty
مُساهمةموضوع: رد: أوراق خضراء: مقالات مُختارة   أوراق خضراء: مقالات مُختارة Emptyالأربعاء أكتوبر 15, 2008 11:22 am

-------------------- تتمة
1/ المقامة في اللغة : المجلس يجتمع فيه الناس .
2/ هو أبو الفضل أحمد بن الحسين بديع الزمان الهمذاني مخترع المقامات أخذ اللغة عن ابن فارس اللغوي صاحب كتاب " المُجمل " في اللغة وغيره كان بينه وبين أبي بكر الخوارزمي مشاجرات و مصادمات أدبية تغلب عليه فذاع صيته وكبرت منزلته توفي في سن الأربعين مسموماً على ما قيل سنة 398 هـ له ترجمة في يتيمة الدهر للثعالبي ومعجم الأدباء لياقوت الحموي وسير أعلام النبلاء للذهبي .
3/ هو أبو محمد القاسم بن علي بن محمد الحريري كان أحد أئمة اللغة في عصره عمل المقامات يتلوا فيها مقامات البديع ففاقتها جمع فيها بلاغات العرب ولغاتهم وأمثالهم شرحها غير واحد من العلماء وله من الكتب " درة الغواص في أوهام الخواص " و " ملحة الإعراب " منظومة في النحو وله شرح عليها وغير ذلك توفى سنة 515 هـ. له ترجمة في معجم الأدباء لياقوت الحموي والبداية والنهاية لأبن كثر ووفيات الأعيان لأبن خلكان .
4/ النهاية لأبن الأثير 1/5 .
5/ الظالع : أي الذي يغمز في مشيته , والظالع أيضاً المائل عن الطريق القويم ، والضليع السمين القوي والضلاعة قوة الأضلاع .
6/ هو أبو الفرج قدامة بن جعفر الكاتب البغدادي يضرب به المثل في الفصاحة تتلمذ على أحمد بن يحيى المعروف بـ" ثعلب " له مصنف في " الخراج " و" صناعة الكاتب " توفي سنة 337 هـ . له ترجمة في معجم الأدباء لياقوت الحموي والبداية والنهاية لأبن كثير.
7/ مقامات أبو القاسم الحريري ص14 .
8/ أصحاب الرقيم هم أهل الكهف الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم وأخذ هذا المعنى من قوله تعالى في سورة الكهف الآية 9 ( أم حسبت أن أصحاب الكهف و الرقيم كانوا من ءاياتنا عجباً) .
9/ المهجة : الدم وقيل دم القلب خاصة ، وخرجت مهجته : أي روحه .
10/ الأبزير والأبازير : التوابل التي تضاف إلى الطعام , وذكر الجواليقي انه معرب .
11/ الحليلة : الزوجة والظعينة : المرآة في الهودج وأراد هنا المرآة .
12/ لحًّا : أي القرابة المتصلة .
13/ الأرومة : الأصل والمعنى أي أننا نشترك في المنبت والأصل .
14/ المحلة : الحي الذي يسكنه .
15/ السطة : الوسط .
16/ الصعداء : التنفس الممدود .
17/ البركار : الفرجار آلة رسم الدوائر .
18/ الساج : نوع من الأخشاب ينبت شجره بالهند , والمأروض : الذي أكلته الأرضة والعفن : الذي أصابته الرطوبة .
19/ أي له صوت أنين عند الفتح والإغلاق .
20/ أي له طنين إذا دق عليه .
21/ المعزية : نوع من الدراهم منسوبة إلى المعز الفاطمي .
22/ الشََّبَه : النحاس الأصفر .
23/ الدهليز : فارسي معرب وهو ما بين الباب إلى الدار.
24/ المعراج : الدرج الموصل إلى السطح .
25/ الصامت : الذهب والفضة ونحوهما .
26/ النسيَّة : تأخير ثمن البيع .
27/ المختلف : لعله يقصد المجنون .
28/ وجدٌّ صاعد : حظ وبخت سعيد .
29/ عقد لآل : أي عقد لؤلؤ , وآل : السراب أي أن العقد يشبه الماء من صفائه ولمعانه لأن السراب كأنه ماء.
30/ المنادات : أي السوق الذي يُنادى فيه على السلع المستخدمة سابقاً , ويعرف اليوم بالحراج .
31/ الحلف بغير الله محرم وهو من الشرك الأصغر وفي الحديث الصحيح ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) .
32/ تحرم بخوانه : أي تمنع واحتمى به بسبب الطعام الذي بينهما ، والخوان : ما يؤكل عليه وهو معرب وسيأتي شيء من التفصيل عنه ضمن المقامة .
33/ احسر : اكشف , و انض : أي أنزع الرُّدن عن ذراعك .
34/ النخاس : الذي يبيع الرقيق .
35/ أي أن نحاس الإبريق كأنه الذهب في لمعانه وصفائه .
36/ خُلقان : جمع خلق وهو القديم البالي , والأعلاق : جمع علق وهو النفيس ، والمعنى أنه نفيس لم يتغير مع طول الأيام .
37/ الأنبوب : يقصد به قصبة فم الإبريق .
38/ الدست : المكان المهيأ لمقابلة الضيوف .
39/ السنور : الهر.
40/ البلور : نوع من الأحجار الكريمة .
41/ أي لم نستعمله إلا بعد أن ظل ليلته في إناء ليبرد ويتم صفاؤه لأنه مجلوب من النهر .
42/ جرجان وأرّجان : بلاد في خرسان - إيران - .
43/ المصاع : المُجالدة والمُظاربة , والمعنى لقد أشتد الكلام حتى أصبح شبيه بالمجالدة والمظاربة .
44/ جاشت : أي أصابها الغثيان .
45/ الإجَّانة : إناء يستعمل في الغسيل والعجن ونحوهما .
46/ السُّكُرَّجات : جمع سُكُرَّجَة وهي الصحفة ويقصد بذلك أنه بقي ذكر أواني منزله .
47/ دنه : الدن الجرة العظيمة .
48/ يطم : يشتد وتعظم .
49/ الكنيف : الحمَّام المعد لقضاء الحاجة .
50/ الربيعي والخريفي هي الأماكن التي تتخذ في البراري في زمن الربيع والخريف من أجل النزهة ، ويقصد أن حمَّامه خير من هذه الأمكنة البرية وأجمل !!.
51/ غيرانه : أي الفواصل بين ألواحه ، والساج : قد مر تعريفه في الفقرة 18 , والعاج : ناب الفيل ، ويقصد بذلك أنه مطعم بالعاج والساج .
52/ شرح مقامات بديع الزمان الهمذاني لمحمد محي الدين عبد الحميد – رحمه الله - المقامة 22 المضيرية ص142 طبعة دار الكتب العلمية . بيروت – لبنان -.
* غالب المراجع لتفسير الكلمات أستفدته من الشارح بتصرف مع مراجعة بعض المراجع في اللغة مثل : لسان العرب لابن منظور , والمصباح المنير للفيومي , ومختار الصحاح للرازي , والمُعرب للجواليقي , وتاج العروس للزبيدي , والفائق للزمخشري كما راجعة أيضاً بعض كتب التراجم .

---------------------انتهى



تحياتي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.ouyoun.yoo7.com
 
أوراق خضراء: مقالات مُختارة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات العيون :: العيون العام :: العيون العام-
انتقل الى: