الزكاة أحكامها ومصاريفها

< تعريفها:
هي في اللغة النماء ومنه قولهم: زكا الزرع اذا نما وقد تطلق على التطهير ومنه قوله تعالى «قد أفلح من زكاها» أي طهرها من الدنس، قال تعالى: «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم» ، وفي الشرع اخراج قدر مخصوص من المال من شخص مخصوص يجب صرفه لاصناف مخصوصة.
< حكمها:
هي الركن الثالث من اركان الاسلام الخمسة وقرنت بالصلاة في اثنين وثمانين آية وقد فرضت بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - واجماع أمته، وقد فرض الله الزكاة في اموال الاغنياء مواساة لاخوانهم الفقراء قياماً بحق الاخوة وعملاً بما يوجب تأكيد الالفة وما أمر به تعالى من التعاون.
< وجوبها:
تجب الزكاة على كل مسلم حر مالك للنصاب من اي نوع من انواع المال الذي تجب فيه عليه الزكاة ومضى عليه الحول من اي نوع من انواع المال الذي تجب فيه عليه الزكاة ومضى عليه الحول.
< الاموال التي تجب فيها الزكاة:
تجب الزكاة في الذهب والفضة سواء كانت نقداً او قطعاً او حلياً، وذلك ربع العشر اذا حال عليها الحول وبلغت نصاباً وهو عشرون ديناراً من الذهب ومائتا درهم من الفضة.. لحديث اخرجه ابو داوود من حديث علي قال: «إذا كان لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء في الذهب حتى يكون لك عشرون ديناراً ففيها نصف دينار ولا شيء فيما دون ذلك».
< زكاة الدين:
ومن استوفى ديناً مرجواً او ابرأ المدين، زكاه لما مضى بخلاف الدين المأيوس من الرد، لأنه كالمعدوم فإذا قضي استأنف له التحويل ان كان نصاباً.
< أموال التجارة:
اجمع العلماء ومن بعدهم الفقهاء الى وجوب الزكاة في عروض التجارة، وهي البضائع التجارية وهي غير الاثمان من المال، وذلك لما رواه ابو داوود والبيهقي عن سمرة بن جندب قال: «أما بعد : فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع».
< كيفية تزكية أموال التجارة:
من ملك من عروض التجارة قدر نصاب، وحال عليه الحول قومه آخر الحول أي جرده آخر السنة واخرج زكاته وهو ربع عشر قيمته ، وهكذا يفعل التاجر في تجارته كل سنة، ولا ينعقد الحول حتى يكون القدر الذي يملك نصاباً.
زكاة الزروع والثمار
< وجوبها:
أوجب الله تعالى زكاة الثمار والزرع فقال: «يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض» سورة البقرة الآية 762.
وقال: «هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفاً أكله والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه كلوا من ثمره وآتوا حقه يوم حصاده» الانعام 141.
< الاصناف التي تجب فيها الزكاة:
رأى بعض العلماء ان الزكاة واجبة في كل ما انبتته الارض لا فرق بين الخضروات وغيرها، اذا قصد بزراعته استغلال الارض ونماؤها الا الحطب والقصب والحشيش والشجر الذي لا ثمرة له لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «فيما سقت السماء العشر».
وقال بعض العلماء: انه لا زكاة الا في المنصوص عليه وهو:
الحنطة، والشعير، الذرة، الثمر، والزبيب لأن ما عداه لا نص فيه.
فعن ابي بردة عن ابي موسى ومعاذ - رضي الله عنهما - « أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمور دينهم فأمرهما ألاّ يأخذا الصدقة إلا في هذه الأربعة: الحنطة، الشعير، والتمر والزبيب» رواه الطبراني والبيهقي.
< وقت وجوبها في الزروع والثمار:
تجب الزكاة في الزروع اذا اشتد الحب وصار فريكاً «أي حباً» وتجب في الثمار اذا بدا صلاحها «نضجها» ويعرف ذلك باحمرار البلح وجريان الحلاوة في العنب.
< نصاب زكاة الثمار والزروع:
وهو في الكيل خمسة أوسق والوسق يساوي ستين صاعاً لرواية ابي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق من ثمر ولا حب صدقة ومن غير المكيل ما قيمته نصاب نقداً».
< تقدير النصاب في النخيل والأعناب:
يجوز خرص اي الحرز والمخمن الرطب والعنب وذلك: بأن يخرص الخارص «المخمن العارف والامين ما على النخيل والاعناب من الرطب والعنب، ثم يقدره تمراً وزبيباً ليعرف مقدار الزكاة فيه ، فإذا جفت الثمار أخذ الزكاة التي سبق تقديرها منها.
وذلك لما رواه الترمذي: ان النبي - صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص كرومهم وثمارها وكذلك لأبي داوود: كان يبعث ابن رواحة فيخرص النخل حين تصيب الثمار من قبل ان تؤكل الثمار.
< مقدار الواجب:
يختلف القدر الذي يجب اخراجه باختلال السقي، فما سقي بدون اسعمال آلة بأن سقي بغير آلة ففيه عشر الخارج وان ما سقي بآلة، بالمسنى او بالمضخة مثلاً، ففيه نصف العشر، لما رواه ابن عمر ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فيما سقت السماء والعيون او كان عثيراً العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر» رواه البخاري، والعثري هو ما شرب دون بعرق دون سقي، والنضح هو السقي من ماء بئر او نهر بآلة.
< اخراج الطيب من الزكاة:
أمر الله تعالى باخراج الطيب من ماله، ونهى عن التصدق بالرديء فقال «يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذين إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد» البقرة - 762.
< زكاة العسل:
يجب من العسل العشر، لحديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه اخذ من العسل العشر.
< دفع الزكاة الى بيت المال:
ويبرأ رب المال بدفع الزكاة الى بيت المال او السلطان ولو كان جاحداً، لحديث ابن مسعود في الصحيحين وغيرهما، ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يارسول الله فما تأمرنا: قال: تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم».
زكاة الحيوان
انما تجب منه في النعم وهي: الإبل والبقر والغنم.
ويشترط لايتاء الزكاة فيما يلي:
1- ان تبلغ نصاباً.
2- أن يحول عليها الحول.
3- ان تكون سائمة أي راعية من الكلأ ( العشب المباح) وإليك بيان ذلك:
1- الإبل:
لا شيء في الإبل حتى تبلغ خمساً فإذا بلغت خمساً سائمة وحال عليها الحول - ففيها شاه، فإذا بلغت عشراً - ففيها شاتان، وهكذا كلما زادت خمساً زادت شاة.، فإذا بلغت خمسة وعشرين ففيها بنت مخاض، وهي : التي لها سنة ودخلت في الثانية، او ابن لبون وهو: الذي له سنتان ودخل في الثالثة، فإذا بلغت ستاً وثلاثين ففيها بنت لبون.
وفي ست واربعين حقة، وهي: التي لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة.
وفي احدى وستين فيها جذعة وهي التي لها اربع سنين ودخلت في الخامسة، وفي ست وسبعين بنتا لبون.
وفي احدى وتسعين حقتان الى مائة وعشرين فإذا زادت ففي كل اربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة.
وهذا التفصيل في فرائض الصدقة هو الثابت في حديث انس الذي اخرجه احمد والنسائي وابو دواوود واخرجه البخاري مفرقاً في صحيحه.
قال ابن حزم: هذا كتاب في نهاية الصحة عمل به الصديق رضي الله عنه بحضرة العلماء ولم يخالفه احد.
< زكاة البقر:
واما زكاة البقر فلا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين سائمة فإذا بلغت ذلك، وحال عليها الحول ففيها تبيع او تبيعة، وهو: ما له سنة، ولاشيء فيها غير ذلك حتى تبلغ اربعين فإذا بلغت اربعين ففيها مسنة، وهي مالها سنتان.
وذلك لما اخرجه احمد واهل السنن من حديث معاذ بن جبل قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الى اليمن وامرني ان آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً او تبيعة، ومن كل اربعين.. مسنة، فإذا زادت على اربعين فلا شيء في الزائد حتى تبلغ سبعين وفيها تبيع ومسنة الى ثمانين وفيها مسنتان ثم كذلك، ولا خلاف بين العلماء ان السنة في زكاة البقر على ما في حديث معاذ بن جبل وانه النصاب المجمع عليه.
< زكاة الغنم:
لا زكاة في الغنم حتى تبلغ اربعين فإذا بلغت اربعين سائمة وحال عليها الحول ففيها شاة الى مائة وعشرين، فإذا بلغت مائة واحدى وعشرين ففيها شاتان الى مائتين، فإذا بلغت مائتين وواحدة ففيها ثلاثة شياه الى ثلاثمائة فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة.
مصارف الزكاة
حصر الله سبحانه وتعالى ثمانية اصناف تصرف فيهم الزكاة وهم لقوله تعالى:«إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم» التوبة 06.
1-2 الفقراء والمساكين وهم المحتاجون الذين لا يجدون كفايتهم ، فالفقير هو من لا يملك الا مالا يستغني عنه كمنزل وخادم واثاث وكسوة وآلة حرب يحتاجها والمسكين اضعف حالاً من الفقير.
3- العاملون عليها:
وهم الذين توليهم الدولة للعمل على جمعها من أرباب الاموال ويدخل فيهم الحفظة لها والرعاة للانعام منها والكتبة لديونها.
4- المؤلفة قلوبهم:
وهم الجماعة الذين يراد تأليف قلوبهم، وجمعها على الاسلام، او تثبيتها عليه لضعف اسلامهم او كف شرهم عن المسلمين او جلب نفعهم في الدفاع عنهم.
5- وفي الرقاب:
ويشمل المكاتبين والارقاء فيعان المكاتبون بمال الصدقة لفك رقابهم من الرق ويشتري به العبيد.
6- الغارمون:
وهم الذين تحملوا الديون في غير معصية وتعذر عليهم سدادها.
7- وفي سبيل الله:
سبيل الله: الطريق الموصل الى مرضاته من العلم والعمل ويرى العلماء ان المراد به هنا الغزو ويدخل في عمومه الاستعداد للحرب بشراء السلاح واغذية الجنود وادوات النقل وتجهيز المجاهدين وانشاء المستشفيات العسكرية، وفتح الطرقات وتعبيدها وانشاء الحصون الحربية والخنادق والطائرات الحربية.
8- ابن السبيل:
وهو المسافر المنقطع عن بلده يعطى من الصدقة ما يستعين به على تحقيق مقصده اذا لم يتيسر له شيء من ماله نظراً لفقره العارض، على ان يكون سفره في طاعة وفي غير معصية.
من تحرم عليهم الزكاة
ذكرنا فيما سبق مصارف الزكاة واصناف المستحقين، وسنذكر الآن اصنافاً لا تحل لهم الزكاة ولا يستحقونها وهم:
1- بنو هاشم ومواليهم:
والمراد بهم: آل علي وآل عقيل ، وآل جعفر، وآل العباس، وآل الحارث لحديث ابي هريرة مرفوعاً وفيه «إنا لا نأكل الصدقة» وفي لفظ «إنا لا تحل لنا الصدقة» وهو في الصحيحين.
2-3 الآباء والابناء:
لا يجوز إعطاء الزكاة الى الآباء والابناء لأنه يجب عليه النفقة عليهم فهم اغنياء بغناه ، فإذا دفع زكاته اليهم فقد جلب لنفسه نفعاً بمنع النفقة عليه.
4- الزوجة:
لا يعطى الرجل زوجته الزكاة لأن نفقتها واجبة عليه فتستغني بها.
5- الاغنياء:
تحرم على الاغنياء والاقوياء والمكتسبين، لما جاء في الاحاديث الصحيحة الثانية: «انه لا تحل الصدقة لفتى ولا لذي مرة سوى».
6- الكفار والملحدين:
لا يجوز صرفها للكفار والملحدين.
ولايتها:
ولايتها الى رئيس الامة المسلمة وحاكمها ظاهرة وباطنة لأن امر الزكاة كان الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلاشك ولا شبهة وقد كان يبعث السعادة لقبضها ويأمر من عليهم الزكاة بدفعها اليهم.
زكاة الفطر
1- وجوبها:
هي واجبة على كل مسلم ومسلمة صغيراً وكبيراً ذكراً او انثى ، حراً او عبداً فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:
«فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر في رمضان صاعاً من تمر ، او صاعاً من شعير، على العبد والحر والانثى، والصغير والكبير، من المسلمين». رواه البخاري.
2- حكمها:
شرعت زكاة الفطر في شعبنا سنة 2هـ لتكون طهرة للصائم مما عسى ان يكون قد وقع فيه من اللغو والرفث ولتكون عوناً للفقراء والمعوزين، فعن ابن عباس قال: «فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات » رواه ابو داوود وابن ماجة.
3- على من تجب :
تجب على الحر المسلم المالك لمقدار صاع يزيد عن قوته و قوت من تلزمه نفقته يوماً وليلة وقيل: عشرة ايام.
وتجب عليه عن نفسه وعمن يعول، كزوجته وابنائه وكل من يتولى امورهم ويقوم بالانفاق عليهم.
4- قدرها:
الواجب في صدقة الفطر اخراج صاع عن كل فرد من القوت المعتاد: من القمح ، او الشعير، او التمر، او الزبيب، او الاقط (لبن مجفف لم تنزع زبدته وكذلك الارز او الذرة او نحو ذلك مما يعتبر قوتاً.
5- زمن وجوبها:
اتفق العلماء على انها تجب في آخر رمضان واختلفوا في تحديد الوقت الذي تجب فيه فقال بعضهم: ان وقت وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر وقال البعض الآخر: ان وقت وجوبها طلوع الفجر يوم عيد الفطر.
6- وقت خروجها:
يكون اخراجها قبل صلاة العيد وتجزئ بعد الصلاة وقال ابن عمر: امرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزكاة الفطر ان تؤدى قبل خروج الناس الى الصلاة».
7- مصرفها:
مصرف زكاة الفطر المفروضة وهي: الاصناف الثمانية التي تقدمت ، والفقراء هم أولى الاصناف بها، لحديث ابن عمر قال:
فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر وقال: «اغنوهم في هذا اليوم» وفي رواية «اغنوهم من طواف هذا اليوم» رواه البيهقي.
الخمس
الخمس في الزكاة: وهو دفين الجاهلية.
1- وجوبه:
يجب فيما يغنم في القتال الخمس: وفي الزكاة لقوله تعالى:«واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسة» سورة الانفال الآية 14.
ولحديث ابي هريرة في الصحيحين ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العجماء جبار والبئر جبار، والمعدن جبار وفي الركاز الخمس».
2- مصرف الخمس:
مصرف الخمس ما تضمنته الآية وهي قوله تعالى:«واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل» سورة الانفال الآية 14.
فسهم الله في مصالح المسلمين وسهم الرسول كذلك، وسهم ذوي القربى في بني هاشم وبني عبدالمطلب، وسهم القباض للصغير الفقير الذي لا أب له، وسهم المساكين لهم يفوض كل ذلك الى حاكم المسلمين وتقديم الاهم في الاهم، ويقسم اربعة اخماس في الغانمين.
وفق الله المؤمنين الى ما يحب ويرضاه

شكرا اختي بارك الله فيك ....

بارك الله فيك ونفع بك

الزكاة أحكامها ومصاريفها 1969

جزاك الله خيرا

جزاك الله خيرا